كذلك إذا كان عوض هذا الشقص غير مالي كأن يجعله صداقا أو خلعا أو صلحا عن دم عمد، كأن يثبت على رجل قصاص، فيقول: تنازل عن القصاص ولك نصيبي من هذا البستان، أو تقول المرأة لزوجها: طلقني ولك نصيبي من هذا البستان فهذا الخلع، أو أن يجعل الرجل نصيبه مهرا للمرأة، فهنا العوض ليس عوضا ماليا فلا تثبت الشفعة فيه، وذلك لأنه لا يمكن أخذه بعوضه إذ لا عوض له معروف، فالتنازل عن القصاص ليس له قيمة محددة وكذلك المهر والخلع، وقد جعل هذه الأشياء عوضا عن هذه التي لا تعرف قيمتها فلا يمكن حينئذ الأخذ به أي بالشفعة، فإذا حكمنا بالشفعة فلا نستطيع أن نقدر قيمة هذا الشقص في البستان، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، والقول الثاني في المذهب وهو اختيار طائفة من أصحاب الإمام أحمد كابن حامد وأبي الخطاب واختاره الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أن الشفعة تثبت في هذه المسائل، وذلك للحوق الضرر، فإن الضرر ثابت فيها كما هو ثابت في المسائل المتقدمة، فالشفعة هنا تدفع الضرر كما تدفعه لو كان هناك عوض مالي، ويمكننا الأخذ بالقيمة، فكون الخلع والصداق وغيرهما غير معروفة القيمة فإنه يمكننا أن نعرف قيمة هذا النصيب والشقص بتقويمه، فنقومه ويأخذه الشفيع بقيمته، وهذا القول هو القول الراجح، وأما القياس على الإرث فلا يصح لأنه قياس مع الفارق، والفارق هو أن النصيب انتقل في الإرث من المورث إلى وارقه انتقالا قهريا، بخلاف الهبة والصدقة ونحوهما، فإنه انتقل في هذه المسائل باختيار الواهب.