قوله [وهي على الفور وقت علمه، فإن لم يطلبها إذاً بلا عذر بطلت]
هنا بين المؤلف أن الشفعة على الفور وأنه متى علم ببيع شريكه حصته ولم يطالب بالشفعة فلا حق له بعد ذلك في الشفعة، واستدلوا بما روى ابن ماجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(الشفعة كحل العقال) أي أنها تذهب عن صاحبها كما يذهب البعير الشرود إذا حل عقاله، والحديث فيه من يتهم (١) بالكذب، فالحديث إسناده ضعيف جدا، وهذا هو مذهب الحنابلة وهو مذهب الجمهور، وعليه فإذا لم يعلم بالبيع فله المطالبة ولو بعد سنوات، وكذلك إذا علم لكن كان له عذر من مرض أو غيبة وليس له من يوكله وليس هناك من يشهده على المطالبة بالشفعة أو علم بالليل فأخر ذلك إلى النهار فإنه له الحق بالمطالبة بها، وقال المالكية وهو رواية عن الإمام أحمد بل له المطالبة بها على التراخي وذلك لأنه حق له فلا يسقط إلا بإسقاطه، فلو علم ولا عذر له بالتراخي لكنه تراخى ثم طالب بها فله الحق فيها، قالوا: لعموم الحديث الوارد في الشفعة، فإنه ليس فيه أنها لا بد أن تكون على الفور، بل عموم الحديث يدل على أنها تثبت له ما لم يدل دليل على إسقاطها أو الرضا بالشريك الجديد، ثم إن هذا الذي له حق الشفعة يحتاج إلى زمن ليستبين وليتأمل وينظر في أمره، فاشتراطنا لثبوتها أن تكون على الفور تفويت لحقه لأنه يحتاج إلى تأن وتريث ونظر واستشارة واستخارة، وهذا القول هو القول الراجح وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن السعدي، وعليه فيحدد له زمن يحصل به مقصوده عرفا، فلا يكون الزمن مفتوحا ولا إلى سنة كما قال بعضهم ولا إلى ثلاثة أيام كما قال البعض الآخر بل يكون ذلك راجع إلى العرف، وهذا يختلف باختلاف السلع وباختلاف المشترين وحذقهم في معرفة السلع.