في هذا ما يدل على أن الإحياء عام في كل أرضٍ، سواء كانت هذه الأرض في البلاد الإسلامية أو غيرها، وسواء كانت قد فتحت عنوة كأرض الشام ومصر والعراق، أو فتحت صلحاً، لعموم قوله:"من عمّر أرضاً"، ولقوله:"من أحيا أرضاً ميتة"، فأي أرض ينفذ فيها حكم الإسلام فيحييها مسلم أو ذمي فهي له، وعند الحنابلة في المشهور عندهم?أن الأرض إذا فتحت صلحاً على أن الأرض للكفار، فإذا أحياها مسلم فليست له، واختيار الموفق رحمه الله أنها له وهو الراجح لعموم الحديث.
فإذن: من أحيا أرضاً مواتاً فهي له، سواء كانت البلاد التي هي فيها فتحت عنوة كأرض الشام ومصر والعراق، أو فتحت صلحاً سواء كان الصلح على أن تكون?الأرض للمسلمين أو على أن تكون الأرض للكفار، وهذا من تشوّف الشارع إلى إحياء الأرض وتعميرها، ومن القيام بأمر الدنيا، فالدين الإسلامي قائم بمصلحة الدين والدنيا.
قال:[بإذن الإمام وعدمه]
أي سواء أذن الإمام أم لم يأذن، فلا يشترط إذن الإمام هذا هو المشهور عند الحنابلة وهو مذهب الجمهور، ومنع من ذلك الأحناف، وقالوا: بل يشترط إذن الإمام والراجح هو الأول لعموم الحديث، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -?قال: (من?أحيا أرضاً ميتةً فهي له??ولم يشترط في ذلك إذن الإمام، ولأنها عين مباحة فلم تفتقر إلى إذن الإمام كالاحتطاب ونحوه لكن إن منع الإمام من إحياء أرض، كما يمنع في الغالب من إحياء الأراضي التي تكون حول المدن انتظاراً لمصلحة أو نحو ذلك، فإنه حينئذ يمنع من الإحياء، وذلك لأن منعه من إحيائها يعني اختصاصها، وأنها أصبحت مختصة ومعدة لمنفعة عامة??
قال:[ويملك بالإحياء ما قرب من عامرٍ إن لم يتعلق بمصلحته]