فالعمل لا يشترط فيه العلم، فسواء كان العمل الذي وقع عليه عقد الجِعالة، سواء كان معلوماً أو?مجهولاً فلا يؤثر هذا فلو قال: من ردّ عبدي الآبق فله مائة درهم" فعبده الآبق لا يدري أين موضعه فقد يكون قريباً، وقد يكون بعيداً، فهذا جائز، وذلك لأن الحاجة داعية إليه، ولأن عقد الجعالة عقد جائز فيجوز له أن يفسخ إن رأى العمل فيه مشقة ونحو ذلك فلا ضرر في هذا "مدة معلومة أو مجهولة"، فالمدة لا يشترط أن تكون معلومة بل يجوز أن تكون مجهولة، فإذا قال: "من حرس لي مالي فله علي كل يوم درهم" فهنا المدة مجهولة فلا يدري يوم أو يومين أو سنة، وهذا لا يؤثر، والحاجة داعية إلى ذلك، والأصل في العقود الحل.
قال:[كرد عبدٍ ولقطةٍ?وخياطةٍ وبناء حائط]
هذه أمثله للجعالة، والجعالة نوع من الإجارة، ولذا فإن الأنسب أن يكون هذا الباب بعد باب الإجارة، كما جعله صاحب الفروع وغيره، فإن الجعالة نوع من الإجارة وإن كان بينهما فروق وهذه الفروق اقتضت أن يكون لها باب منفرد، فمن الفروق، أن الإجارة لا تصح مع الجهالة بالعمل، والجعالة تصح، ويشترط في الإجارة أن يكون المعقود معه معيناً، وأما في الجعالة فلا يشترط، والإجارة عقد لازم، والجعالة عقد جائز.
قال:[فمن فعله بعد علمه بقوله استحقه، والجماعة يقسمونه]
????من فعل هذا العمل الذي وقع عليه عقد الجعالة، فعله بعد علمه بقوله أي قول الجَاعل، "من بنى حائطي فله كذا"، أو قال: من ردّ عبدي الآبق فله كذا، فسمع هذه المقالة فعمل على رده، ثم ردّه فله ذلك الجُعل، وذلك لأنه عمل في مال الغير مأذون له فيه على عوض فاستحق العوض المسمّى، وإن كانوا جماعة فإنهم يقتسمون العوض لأنهم اشتركوا في العمل فاقتضى هذا اشتراكهم في العوض.