حرم أخذه": فأخذه لا يحل لما تقدم في حديث زيد بن خالد الجهني وعليه، فإن أخذه وتلف عن يده فعليه ضمان، وذلك لأن يده يد متعدية لأنها أخذت ما ليس لها أن تأخذه.
وهل تبرأ ذمته برده إلى موضعه؟
الجواب: لا تبرأ ذمته بذلك، لأن الضمان ثبت عليه بأخذه فلا يبرأ منه إلا برده إلى مالكه أو من يقوم مقامه لكن إن ردّه إلى الحاكم ونائبه فإن ذمته تبرأ لما للحاكم من النظر في أموال المسلمين، وللحاكم ونائبه أن يأخذوا الضوال?ويصفوها في موضع يختص بها، ولا يجب عليهم تصريفها، بل من ضاع له شيء فإنه يأتي إلى هذا الموضع الذي تكون فيه الضوال فإن وجد ضالته أخذها.
قال:[وله التقاط غير ذلك من حيوان وغيره إن أمن نفسه على ذلك] .
فله التقاط غير ذلك من الحيوانات كالشياة وصغار الإبل وهي الفصلان وصغار البقر وهي العجاجيل، وصغار الخيل ونحوها، وكذلك سائر الأمتعة، فله أن يلتقطها، لما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -?في ضالة الغنم ولأنه سئل عن اللقطة وهو عام في الأشياء كلها إلا ما ورد استثناؤه وما شابهه، فله أن يلتقطها بشرط أن يأمن نفسه عليها، فإذا علم من نفسه الأمانة والقدرة على التعرف فله ذلك فهو مباح له، والأفضل الترك، في المشهور في المذهب، قالوا: لأنه يخشى ألا يقوم بواجب التعريف وقد تطمع فيها نفسه فيخون أمانته.
وقال بعض الحنابلة وهو قول أبي الخطاب وصوّبه صاحب الإنصاف وهو مذهب الشافعية، أنه يستحب له ذلك إن كانت في مضيعةٍ، أي في مكان غير مطروق بحيث أنه إن لم يأخذها أخذها غيره، وقد يكون هذا الغير ليس بأمين، والذي يتبّين?والله أعلم??أنه إن علم من نفسه أنه يقدر على] ?التعريف وحفظ الأمانة فإنه يستحب له أن يلتقطها لما في ذلك من الإحسان إلى الناس، وأشبه هذا الوديعة، فإن الوديعة قد تطمع النفس بأخذها وخيانة صاحبها ومع ذلك فإنها تسحب اتفاقاً كما نقل.