للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا التعليل ضعيف، فإن الله قد ذكر أنه من أعظم المعاصي وأن طائفة من الناس قد ابتلوا بشهوة المعصية وحب التشهي بمثل ذلك كما قال تعالى: {أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} (١) فعلى ذلك متى أورث مسه شهوة، وقلنا إن مس المرأة بشهوة ناقض للوضوء – فمثله كذلك مس الأمرد – ولكن الصحيح أن مس المرأة لا ينقض مطلقاً فكذلك مس الأمرد.

ولا شك أن مسه محرم إذا كان بشهوة وهذا بإجماع العلماء.

كما أن النظر إليه بشهوة محرم أيضاً. أما النظر بغير شهوة فإنه مباح. فإ

ن كان النظر يخشى منه أن يورث شهوة فحينئذ قولان في مذهب الحنابلة:

القول الأول: إنه ليس بمحرم.

القول الثاني: إنه محرم، وهو أصح واختاره شيخ الإسلام؛ لأنه ذريعة إلى محرم، والشريعة قد أتت بسد الذرائع.

قوله: (ولا مع حائل)

إذا كان هناك حجاب أو حائل بينه وبين المرأة التي قد مسها فإنه لا ينتقض الوضوء، بل لا ينتقض إلا بمسها مباشرة من غير حائل. وهذا على القول بأن مس المرأة ناقض، والراجح خلافه كما تقدم.

قوله: (ولا ملموس بدنه ولو وجد منه شهوة)

الملموس بدنه قالوا: لا ينتقض وضوؤه بذلك، لأن اللامس الشهوة فيه أشد، فعلى ذلك لا يقاس الملموس بدنه باللامس لأن الشهوة في اللامس أشد.

وهذا فيه نظر، فإنها وإن سلم أنها أشد لكن الشهوة قد ثبتت ووقعت باللمس، فالقياس الصحيح أن يقال: بأن الملموس كذلك إذا لمس وثارت شهوته باللمس فإنه بذلك ينتقض وضوؤه، فإذا مس الرجل امرأة بشهوة – وقلنا بانتقاض الوضوء بمس المرأة – فكذلك ينتقض وضوء المرأة إن أحدث بها ذلك شهوة.

ولكن كما تقدم الراجح خلاف هذا كله ولكن هذا الترجيح لبيان ضعف هذه العلة المذكورة. وأنّا متى قلنا بأن مس المرأة ناقض للوضوء فإن علينا ألا نفرق بين لامس وملموس.

قال: (ولو وجد منه شهوة)