فالعطية يعتبر القبول لها عند وجودها، فإذا قال: "وهبتك كذا" فيعتبر القبول عند وجود الهبة، فإذا لم يقبل الموهوب له حينئذ فللآخر أن يرجع عن هبته.
أما الوصية فإن قبولها يكون عند موت الموصي لأنه وقت استحقاقها ولزومها.
وهذا فارق ثالث.
قال: [ويثبت الملك إذن (والوصية بخلاف ذلك) (١) ] .
هذا الفارق الرابع: العطية إذا قبضت فقد ثبت الملك فإنها تصبح ملكاً للمُعطى في أثناء مرضه المخوف، وذلك لأن الهبة تملك في الحال.
وأما الوصية فإنها إنما تملك بعد الموت.
فإذا قال: "أعطيتك يا زيد عشرة آلاف" وهو في مرضه المخوف، فقال زيد: قبلت" وقبضها فأصبحت ملكاً لزيد.
لكن يكون هذا المال منتظراً به ومرتقباً فلا يعطى هذا الموهوب له فيتصرف به تصرفاً لا يمكن الورثة أن يردوه، إن شاءوا الرد.
إذن يملكه لكن هذا الملك ملك موقوف.
فإذا شفي الواهب من هذا المرض فإنه يأخذ هذه العشرة آلاف من جميع المال، سواء كانت الثلث أو أكثر.
أما إذا مات من هذا المرض المخوف، فحينئذ ننظر إن كان وارثاً فلا شيء له، لأنه أصبحت بحكم الوصية ولا وصية لوارث.
وإن كان أجنبياً فننظر هل يستغرق الثلث أم لا؟
فإن كان بقدر الثلث أو أقل أعطيناه إياه، وإن كان أكثر من الثلث نظرنا إلى الورثة فإن أجازوا أعطيناه إياه، وإن لم يجيزوا اكتفينا بالثلث.
* والمحاباة في المرض المخوف، في حكم العطية.
فلو حابى وارثه ببيع دار بنصف ثمنها.
فمثلاً: باع على بعض ورثته داره التي تساوي مائة ألف باعها له في مرضه المخوف بخمسين ألفاً فحينئذ ما زاد من هذه الدار فلا بيع فيه بل يثبت البيع فيها بقدر الثمن فحينئذ يكون المبيع هو نصف الدار.
وللمشتري الخيار لتبعيض السلعة عليه، هذا إذا كان وارثاً.
وأما إن لم يكن وارثاً فينظر إلى هذه المحاباة هل هي بقدر الثلث أم لا؟
فإن كانت بقدر الثلث فهي له.
وإن كانت بأكثر من الثلث فينظر فيه إلى إجازة الورثة.
(١) هذه العبارة ليست في الأصل.