للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلى ذلك أمر الشارع بالوضوء من لحمها لما يورث من قوة شيطانية فعلى ذلك يقاس عليها ما كان فيه هذا الوصف كالسباع ونحوها، كما قال شيخ الإسلام، فما كان فيه هذه القوة الشيطانية كما يكون في السباع ونحوها فإنه يقاس عليه في هذا الحكم، فمن أكله مضطراً فإنه يجب عليه الوضوء.

قوله: (وكل ما أوجب غسلاً أوجب وضوءاً إلا الموت)

هذه قاعدة، فكل ما أوجب غسلاً أوجب وضوءاً.

[فـ]ـالحيض والنفاس وخروج المني والكافر أو المرتد إذا أسلم، فهذه توجب الغسل، وهي كذلك توجب الوضوء، لأنها لما أوجبت الطهارة الكبرى فيلزم من ذلك أن توجب الطهارة الصغرى، فعلى ذلك: إذا أرادت المرأة أن تغسل عن الحيض مثلاً، فلا يكفي لها لكي تصلي بهذا الغسل، لا يكفي أن تنوي رفع الحدث الأكبر المتمثل بالحيض، بل يجب عليها أن تنوي رفع الحدث الأصغر – إذا أرادت أن تصلي بعد الغسل –.

ومثلاً: رجل دخل في الإسلام، فاغتسل ولم ينو رفع الحدث الأصغر، فإن هذا الغسل لا يجزئه فلا يستطيع أن يصلي به؛ لأنه لم ينو رفع الحدث الأصغر، لكنه يسقط عنه وجوب الغسل عند الدخول في الإسلام.

ولو أن جنباً اغتسل بنية رفع الحدث الأكبر ولم ينو رفع الحدث الأصغر فإنه لا يحل له أن يصلي بهذا الغسل.

فالقاعدة عندهم: أن كل ما أوجب غسلاً فإنه يوجب وضوءاً ومن ذلك الردة – فهي عندهم من نواقض الوضوء – واستدلوا بقوله تعالى: {لئن أشركت ليحبطن عملك} (١)

- وجمهور أهل العلم: على أن من ارتد عن الإسلام ثم عاد إليه فإنه لا ينتقض وضوؤه بذلك، لأن الوضوء عمل، والعمل لا يحبط إلا بالموت على الكفر كما قال تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم} (٢) فالأعمال الصالحة لا تحبط إلا بالموت على الكفر فالمرتد يبقى عمله فإذا مات على الكفر حبطت وبطلت.


(١) سورة الزمر (٦٥)
(٢) سورة البقرة (٢١٧) .