للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

...فالنكاح سنة، لمن له شهوة ولا يخاف على نفسه العنت أي الزنا، فهو سنة في مذهب جماهير العلماء، وقال الظاهرية وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها طائفة من أصحابه كأبي بكر عبد العزيز وأبي حفص البرمكي وابن أبي موسى من أصحاب الإمام أحمد: أن النكاح لمن له شهوة وعنده قدرة مالية على ذلك فإنه واجب في حقه، واستدلوا بما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) ، والشاهد قوله – فليتزوج – والأمر للوجوب، وهذا القول هو الأظهر لموافقته لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - - فليتزوج – والجمهور حملوا الأمر الوارد في الحديث على الاستحباب، والأظهر أنه للوجوب.

...وأما إذا كان غير قادر على النكاح بماله فلا يجب عليه النكاح بل يستحب، لمفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم - - يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة – والباءة هي مؤنة النكاح من مهر وغيره، فقد أوجب الزواج على من استطاع الباءة، فدل على أن الفقير لا يجب عليه، لكن يستحب له، وقد قال تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله} هذا إن كان له شهوة، وأما من لا شهوة له كالعنين الذي لا يأتي النساء، أو الكبير الهرم فلا يجب النكاح ولا يستحب في حقهم، وذلك لزوال المعنى المقتضي للإيجاب والإستحباب فيكون مباحاً في حقه لكن من غير أن يترتب على هذا ضرر على المرأة، فإن طلبت الطلاق ونحوه فسيأتي الكلام عليه في بابه، ولكن هنا حيث لا ضرر على المرأة بذلك، فإن فيه مصلحة له بقيام هذه المرأة بشأنه وهي أيضاً لها مصلحة بإنفاق هذا الزوج عليها، إذن من لا شهوة له وعنده قدرة مالية فإن النكاح يباح وقد يستحب حيث كان في ذلك مصلحة ظاهرة للمرأة كأن تكون المرأة محتاجة.

قال: [وفعله مع الشهوة أفضل من نوافل العبادات]

<<  <  ج: ص:  >  >>