هذا ذكر لصفات المرأة المنكوحة التي يسن أن تكون عليها، أما دليل كونها واحدة، فقوله تعالى:{فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا} ، أي أن الإكتفاء بالواحدة أقرب من ألا تعولوا من النساء فتميلوا إلى إحداهن وتجوروا بين نسائكم وهذا فعل محرم، فكان في نكاحه الواحدة دفعاً لتعرضه في الوقوع في المحرم، وقال بعض الحنابلة، وهو القول الثاني في المسألة: بل يستحب ذلك لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقوله تعالى:{فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} ،أما استدلالهم بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فظاهر، أما استدلالهم بالآية الكريمة ففيه نظر، وذلك لأن هذه الآية مسبوقة بقوله سبحانه:{فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث} ، ومعنى الآية كما فسرته أم المؤمنين عائشة في الصحيحين بما معناه: إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى اللآتي تحت أيديكم فتبخسوهن مهورهن فانكحوا ما طاب لكم من النساء سواهن – أي فالباب مفتوح لكم، هذا في الرجل تكون عنده اليتيمة كابنة عمه وتكون تحت ولايته فيرغبها لمالها ولجمالها فينكحها بمهرٍ أقل من مهر مثيلاتها أو ينكحها بلا مهر وهذا فيه ظلم لها، ولكن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما يترتب على ذلك من المصالح من تكثير النسل وتمام العفة، ونحو ذلك يدل على استحبابه ما لم يترتب على ذلك مفسدة أعظم، فإذا ترتب على ذلك مفسدة أعظم فلا، فالأصح وهو القول الثاني في هذه المسألة وقد قال به بعض الحنابلة: أنه يستحب له أن يتزوج أكثر من واحدة ما لم يترتب على ذلك مفسدة أعظم لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأما دليل كونها دينة: هو ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) .