مثاله: إذا قال الولي:– زوجتك ابنتي – ثم تفرقا من المجلس والخاطب لم يقل:– رضيت – ثم بعد ذلك اتصل بالهاتف أو غيره فقال:- قد رضيت -، فلا يصح لأنهما تفرقا عن المجلس، وعن الإمام أحمد أنه لا يبطل، وأنه لو تشاغلا عنه بما يقطعه أو تفرقا قبله فإنه لا يبطل، ويدل على ذلك قصة الواهبة نفسها، ففي الصحيحين عن سهل بن سعد الساعدي قال: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصعد النظر فيها وصوبه، ثم طأطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من الصحابة فقال: يا رسول الله – إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها – فقال: (فهل عندك من شيء) فقال:– لا والله يارسول الله – فقال: (اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً) ، فذهب ثم رجع فقال:– لا والله ما وجدت شيئاً – فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (انظر ولو خاتماً من حديد) ، فذهب ثم رجع فقال:– لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد – ولكن هذا إزاري – قال سهل: ما له رداءٌ فلها نصفه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء) فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مولياً فأمر به فدعي فلما جاء قال:(ماذا معك من القرآن) قال:– معي سورة كذا وسورة كذا – عددها فقال: (تقرأهن عن ظهر قلبك) قال:– نعم – قال: (اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن) ، فهنا قد وقع فاصل طويل عرفاً وتفرقاً في المجلس ومع ذلك لم يأمره بإعادة القبول، هذا القول هو القول الراجح مالم يكن تشاغله أو تفرقه عن المجلس دالاً على عدم رضاه.
الدرس الثاني والعشرون بعد الثلاثمائة
فصل
قال:[وله شروط]
فهذا الفصل في شرط من شروط النكاح، فللنكاح شروط لا يصح إلا مع توفرها.