وقال الأحناف وهو مذهب أبي حنيفة: بل يصح النكاح بلا ولي واستدلوا بقوله تعالى: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} ، فأضاف النكاح إليهن فدل على أنه من فعلهن، وهذا القول ضعيف جداً وقد قال تعالى:{فلا تعضلوهن} فأضاف العضل إلى أوليائهن فدل على أن لهم تصرفاً في انكاحهن ثم إن السنة تبين القرآن وقد دلت السنة على شرطية الولاية في النكاح.
فالصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه عامة العلماء من شرطية الولاية في النكاح، وكما يدل عليه الأثر فإن النظر يدل عليه فإن المرأة قاصرة النظر فقد تخدع ويغرر بها بما يكون فيه استحلال لفرجها وأسر لنفسها فلا شك أن هذا مقام مهم جداً فكان الاحتياط للمرأة بأن لا تنكح إلا بولي، وذلك لقصور نظرها فقد تخدع وتغتر فيستباح فرجها وتكون أسيرة تحت من نكحها بغير ولي فاحتيط لها بأن لا يصح نكاحها إلا بولي، وهنا تخريج في مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يجوز لها أن تنكح إن أذن لها وليها بالنكاح لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام:(أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها) ، فدل على أنه إن أذن لها فنكاحها صحيح، وهذا التخريج كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – هذا تخريج غلط – آهـ، وذلك لدلالة السنة الصحيحة في أنه لا نكاح إلا بولي، وحينئذ فيكون قوله (بغير إذن وليها) مما يجري مجرى الغالب فيكون المراد إلا بإذن وليها مع ولايته، ولما فيه من تبذل المرأة المخالف لصيانتها فإن انكاحها لنفسها تبذل لها، والشرع يأتي بصيانتها لا تبذلها ولذا فالصحيح أنه لابد من ولي وأن إذن الولي لا يكفي حتى يكون هو المتولي للعقد.
قال:[وشروطه: التكليف]
فيشترط التكليف لأن غير المكلف يحتاج لمن ينظر له وهو غير البالغ، وغير العاقل يحتاج لمن ينظر له فلا ينظر لغيره، فلابد أن يكون مكلفاً أي عاقلاً بالغاً.