إذا زوج الأبعد كالأخ مع وجود الأب أو الأجنبي يزوج مع وجود الغريب من غير عذر وتقدمت بعض الأعذار ومن ذلك العضل ومن ذلك أن يكون غائباً غيبة منقطعة لا تقطع إلا بكلفة ومشقة، أو أن يجهل وجود الأقرب كأن يكون لها أبناء عم أباعد لا يدرى بهم فيزوجها السلطان مثلاً ولا يدرى بوجودهم إلا بعد ثبوت النكاح فحينئذٍ هذا عذر في تصحيح النكاح فيصح النكاح حينئذٍ، أما إذا زوجها الأبعد أو الأجنبي من غير عذر فلا يصح النكاح، وعن الإمام أحمد أنه موقوف على إجازة الولي كالبيع، وفيه نظر للفارق بيين النكاح والبيع بدليل أن المرأة لا يحل لها أن تنكح نفسها بإذن وليها فكذلك إذا أنكحها غيره وإن كان الولي قد أذن بذلك، فإذا استوى الوليان كأن يكون لها اخوة هم أولياؤها فأي أحد منهم أنكح صح إنكاحه لأن كلهم أولياء لها، وكذا لو كان لها أبناء عم درجتهم واحدة وهكذا.
فإن أذنت لواحدٍ تعين ولم يصح نكاح غيره، والمستحب أن يقوم الأفضل ثم الأسن، فإن تشاحنوا في ذلك أقرع بينهم.
فإن زوجها وليان هذا زوج وهذا زوج فالزوج الأول وهو الصحيح لما روى الخمسة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(أيما امرأة أنكحها وليان فهي للأول منها) ، فإن جهل السابق أو علم فنسي فالمشهور في مذهب الإمام أحمد أن النكاحين يفسخان جميعاً، ولهما نصف المهر يقترعان عليه.
وعن الإمام أحمد رحمه الله أنه يقرع بينهما وهذا أظهر ممن خرجت قرعته فهو زوجها ولكن يجدد العقد للوطء وهذا هو الأصح لأن القرعة تفعل حيث استوت الحقوق فلا مرجح لأحدهما على الآخر فإنه يقرع بينهما فإذا أقرع بينهما فمن خرجت قرعته فهو زوجها ويجدد العقد للوطء.
الدرس الرابع والعشرون بعد الثلاثمائة
فصل
قال:[الرابع: الشهادة]
أي الشرط الرابع من شروط النكاح الشهادة.
قال:[فلا يصح إلا بشاهدين عدلين ذكرين مكلفين سميعين ناطقين]