أما الاستثناء المتصل فإنه يجعل اللفظ جملة واحدة، أي يجعل المستثنى منه والمستثنى جملة واحدة لا يقع الكلام إلا بتمامها وإلا للزم لوازم باطلة، ففي قولنا:" لا إله إلا الله " فلو قال المكلف: " لا إله " وسكت لكان نافياً للألوهية على الإطلاق، فالنافي للألوهية ملحد كافر، ولكنه قال:" إلا الله " هذه الجملة المستثناة متصلة، فالجملتان من المستثنى والمستثنى منه أصبحتا جملة واحدة لا يفهم الكلام ولا يترتب عليه أحكامه إلا بمجموعهما.
إذن: الاستثناء المتصل صحيح، أما الاستثناء المنفصل قد ثبت فيه قاطع في العرف سواءً كان بسكوتٍ طويل أو بكلام أجنبي قاطع فإن الطلاق يقع على ما تلفظ به أولاً ولا يصح هذا الاستثناء.
قال:[وشرطه النية قبل كمالِ ما استثنى منه]
هذا الحكم في الاستثناء وفي الشرط، فلو قال رجل:" نسائي طوالق " ثم استدرك وقال: " إلا فلانة " فهو عندما قال: " نسائي طوالق " لا ينوي استثناء هذه المرأة المستثناة بل نواه بعد إتمامه اللفظ، فالاستثناء لا يصح ويقع الطلاق على كل المستثنى منه فيشترط أن ينوي الاستثناء أثناء تلفظه بلفظ الطلاق، وكذلك الشرط، فلو أن رجلاً قال لامرأته:" أنت طالق" فاستدرك فقال: " إن دخلت الدار " فالشرط هنا لا يصح لأنه لم ينوه أثناء اللفظ قالوا: لأن الشرط والاستثناء يصرفان اللفظ عن مقتضاه فوجب أن يقترنا به لفظاً ونية هذا هو المشهور في مذهب أحمد والشافعي.
وذهب المالكية وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، وذكر شيخ الإسلام:" أنه هو ما يدل عليه كلام الإمام أحمد، وأن عليه كلام متقدِمي أصحاب الإمام أحمد "، واختاره من المتأخرين الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: أن الاستثناء يصح وإن لم يستثن مع المستثنى منه.