وظاهر كلام المؤلف أن ذلك مطلقاً سواء أراد إفهامها أو أراد الابتداء بالكلام وهذا فيه نظر ظاهر، ولذا اختار ابن القيم التفصيل في هذه المسألة، فإذا قال " إن كلمتك فأنت طالق " ثم قال " اسكتي " وأراد بذلك منعها من الكلام ولم يرد بذلك ابتداء كلام يقع به الطلاق، فإن الطلاق لا يقع، وأما إن كان يريد ابتداء كلام يقع به الطلاق فإن الطلاق يقع، والراجح هو ما ذكره ابن القيم؛ لأن هذا هو مقصود الحالف، فمقصود الحالف أن يتكلم بكلام في مجلس آخر وأما أن يقصد أن ذلك يدخل بمجرد الكلام ولو كان يريد به التأكيد أو الإفهام أو نحو ذلك فلا.
قال:[وإن بدأتك بالكلام فأنت طالق، فقالت: إن بدأتك به فعبدي حر، انحلت يمينه]
إذا قال لزوجته " إن بدأتك بكلام فأنت طالق " فقالت له امرأته: " إن بدأتك بالكلام فعبدي حر " فإن يمينه تنحل فلا حنث عليه؛ وذلك لأنها بدأته بالكلام، فإذا تكلم معها بعد ذلك فإنه لا يكون مبتدءاً الكلام.
قال:[ما لم ينو عدم البداءةِ في مجلس آخر]
فإذا كان لا يريد ما يقع بينه وبينها من نقاش وجدال أو نحو ذلك في ذلك المجلس بل يريد ما يكون بعد ذلك، فإن كان هذا مراده ومقصوده فإنه يحنث إن بدأها بالكلام وإن قالت هي له ما قالت، لأنه ينوي مجلساً آخر ووقتاً آخر.