للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي القولين قوة، لكن القول الأول فيما يظهر لي أرجح، لأنه قول أكابر الصحابة، ولأن ثمت فرقاً بين الطلاق الثلاث الذي تحصل به البينونة الكبرى وبين الطلاق الذي دونه الذي تحصل (١) به البينونة الصغرى حيث نكحت زوجاً آخر؛ وذلك أنها إذا نكحت زوجاً آخر فلا يمكن أن نمكنها من نكاح هذا الزوج ونحسب عليها طلاقاً؛ لأنا إذا حسبنا الطلاق، فالطلاق ثلاث، وعليه فلا يمكن نكاحها، فأبطلنا الطلاق السابق كله واستأنفوا نكاحاً جديداً.

وأما في المسألة الأخرى فإن النكاح إنما تحسب فيه طلقة، وعليه فإنه يمكن إكمال الزواج وإتمامه بينهما؛ لأنا لا نحسب عليهما إلا طلقة أو طلقتين، والمسألة فيها تجاذب كما ذكر ابن القيم، إلا أن الأولى فيما يظهر لي ما ذهب إليه الجمهور، والله أعلم.

الدرس السادس والخمسون بعد الثلاثمائة

فصل

قال: [وإن ادعت انقضاء عدتها في زمن يمكن انقضاؤها فيه أو بوضع الحمل الممكن وأنكره فقولها]

فإذا ادعت المطلقة طلاقاً غير بائن؛ أن عدتها قد انقضت في زمن يمكن انقضاء العدة فيه، أو ادعت أنها وضعت حملاً ممكناً وأنكر ذلك الزوج – فالقول قولها؛ لأن هذا الأمر لا يعلم إلا من جهتها فكان القول قولها ولذا قال تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} (٢) ، وذلك لأنهن مؤتمنات على ذلك.

قال: [وإن ادعته الحرة بالحيض في أقل من تسعة وعشرين يوماً ولحظة لم تسمع دعواها]

اللحظة هنا لتحقيق انقضاء الدم، فالحرة عدتها ثلاث حيض، وأما الأمة فعدتها حيضتان، فإذا ادعت انقضاء العدة في تسعة وعشرين يوماً فهذا ممكن، وأما أقل من تسعة وعشرين يوماً فهذا لا يقبل، وذلك لما تقدم من أن أقل الطهر ثلاثة عشر يوماً وأن أقل الحيض يومٌ (٣) .


(١) في الأصل: " الذي بينه البينونة الصغرى.. "
(٣) في الأصل: يوماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>