كل هذه المسائل في قول المؤلف تضر بالعمل ضرراً بيّناً، وحيث أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً فإن بعض ما ذكره المؤلف قد لا يضر بالعمل ضرراً بيناً لا سيما مع اختلاف الزمان، فقد يكون الأعمى في زمن ما، عماه يضر به ضرراً بيناً، بينما يكون في زمان آخر يمكنه أن يعمل كما يكون هذا في زمننا، فالمقصود أنه حيث تثبت العلة في هذا المعيب وهو أن يكون عيبه قد أضر به ضرراً بيناً بعمله فإنه لا يصح إعتاقه ولا يجزئ.
وأما إن كان هذا العيب لا يضر به ضرراً بيناً ويمكنه الاستفادة من منافع نفسه فإن عتقه صحيح.
إذن: ما ذكره المؤلف من الأمثلة ليس بمسلم في كل زمن، ولذا ورد عن الإمام أحمد في مقطوع الإصبع؛ أنه يجزئ إعتاقه لقدرته على العمل.
قال:[ولا يجزئ مريض ميؤوس منه ونحوه]
للعلة المتقدمة.
قال:[ولا أم ولد]
فلا يجزئه تحرير أم الولد؛ وذلك لوجود سبب آخر يقتضي تحريرها وهو كونها قد ولدت من سيدها فإنها تعتق بموته، وعليه فإعتاقه هو (١) ليس هو السبب المستقل في إعتاقها.
قال:[ويجزئ المدَّبر]
فالمدبَّر يجزئ إعتاقه وذلك؛ لأن المدبر يصح بيعه كما تقدم وعليه فيصح عتقه فكذلك هنا في باب الكفارات.
قال:[وولد زنا والأحمق والمرهون والجاني والأمة الحامل ولو استثنى حملها]
فلو حرر أمةً وهي حامل فإن ذلك يجزئ، وأيضاً لو حرر ولد الزنا أو الأحمق أو المرهون أو الجاني فإن ذلك يجزئ؛ وذلك لأن هؤلاء داخلون في عموم الآية، وما فيهم من العيب لا يضر بعملهم فلا مانع من إجزاء إعتاقهم.