والقول الأول هو الراجح في هذه المسألة قياساً على صيام رمضان، فإذا كان صوم رمضان وهو فرض من فرائض الإسلام ومبنى من مبانيه العظام، إذا كان يجوز فيه مع هذه الأعذار المتقدمة الفطر فصيام الكفارات أولى في ذلك.
قال:[ويجزئ التكفير بما يجزئ في فطرةٍ فقط]
الفطرة: هي صدقة الفطرِ.
فيجزئ التكفير بما يجزئ في صدقة الفطر من تمرٍ أو أقطٍ أو قمح أي بر أو شعير، مما تقدم في صدقة الفطر مما ورد في الصحيحين من حديث ابن عمر (١) ، فلا يجزئ إذن: أن يكفر بالأرز ولا بغيره من قوت البلد، هذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد ولا دليل عليه.
والراجح – في هذه المسألة – ما اختاره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وهو: أن أي طعام يعد في العرف طعاماً فإنه يجزئ التكفير به، وذلك لإطلاق الآية الكريمة {فإطعام ستين مسكيناً} ، فالله لم يحدد ولم يقدر لنا الإطعام فرجع ذلك إلى العرف، فالأرز عندنا طعام من أوسط ما نطعم أهلنا، وكذلك بعض الأُدم فإنها من الطعام في العرف.
قال:[ولا يجزئ من البر أقل من مدٍ ولا من غيره أقل من مدين]
لا يجزئ من البر - وهو القمح - إلا ربع الصاع، ولا يجزئ من التمر ونحوه كالشعير إلا نصف الصاع.
قال:[لكل واحدٍ ممن يجوز دفع الزكاة إليهم]
إذن: يصح أن تدفع الطعام إلى المؤلفة قلوبهم، ويصح أن تدفع إلى الغارمين وغير ذلك من الأصناف الثمانية المذكورة في سورة التوبة، وهذا قول ضعيف.
والراجح وهو اختيار ابن القيم: أن دفعها لا يجزئ إلا للمساكين وهو ظاهر القرآن، فإن الله قال:{فإطعام ستين مسكيناً} ، والآية المتقدمة:{إنما الصدقات للفقراء .....}(٢) إنما هي في زكاة المال.
قال:[وإن غدَّى المساكين أو عشاهم لم يجزئه]
فلو وضع للمساكين قمحاً وهذا القمح خمسة عشر صاعاً لكنه مطبوخ فذلك لا يجزئه في المشهور من المذهب، وذلك لاشتراط التمليك فيشترط أن يُملكهم هذا الطعام.