وقال الأحناف: بل إن كان في دبر فلا لعان، وهذا متفرع عن قولهم من أن المرأة إذا قذفها زوجها بالزنا من دبر فإن الحد أي حد القذف لا يقام، وإنما فيه التعزير، فاللعان لا يثبت عندهم، وذلك لأن اللعان إنما يشرع لدفع الحد وهنا لا حد، فإذا قذف امرأته في دبرها فلا حد، وعليه فلا لعان، وفيما ذهب إليه الأحناف قوة، ويأتي تحقيقه إن شاء الله في الكلام على القذف.
وأما إن قذفها بمباشرة دون الفرج كأن يقول:" قد بوشرت "، أو قد باشرك فلان، أو قد خلا بك فلان أو قد قبلك أو نحو ذلك فلا لعان وذلك لأنه لا حد – أي لا حد قذف -، واللعان متفرع عن الحد، فاللعان إنما يشرع لدرء حد القذف عن الزوج وهنا لا حد في ذلك وعليه فلا لعان.
قال:[فإن قال: وطئت بشبهةٍ أو مكرهةً أو نائمة أو قال: لم تزن ولكن ليس هذا الولد مني فشهدت امرأة ثقة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه ولا لعان]
فإذا قال لامرأته: وطئت بشبهة أو مكرهةً أو نائمة أو لم تزنِ ولكن هذا الولد ليس مني، ثم شهدت امرأة أنه ولد على فراشه لحقه نسبه ولا لعان.
أما كونه لا لعان، فلأن الحد لا يثبت بمثل ذلك، فإذا قال الرجل لامرأته:" وطئتِ بشبهة أو إكراه أو نحو ذلك " فإنه لا حد في ذلك، ويأتي تقريره إن شاء الله في الكلام على حد القذف.
لكن هل ينفى الولد أم لا؟
هنا قال: إن شهدت امرأة ثقة بأنه ولد على فراشه لحقه نسبه، وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الولد للفراش وللعاهر الحجر)(١) متفق عليه
فإذا أثبتت البينة – وتكفي شهادة امرأة واحدة – أنه قد ولد في فراشه فإنه يثبت بذلك لحوق النسب.
قال:[ومن شرطه أن تكذبه الزوجة]
فمن شرط اللعان أن تكذبه الزوجة، وأما إن صدقته في دعواه فأقرت أنها قد زنت فلا لعان أو ثبتت بالبينة وهي أربعة شهود أنها قد زنت فلا لعان، فاللعان إنما يشرع حيث تنكر المرأة، ولذا فإنها تلاعن بعده.