للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي أن تلده بعد ستة أشهر لأن أقل الحمل ستة أشهر لقوله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} (١) ، وقد ذكر تعالى في آية آخرى أن فصاله أربعٌ وعشرون شهراً؛ أي سنتان وهو قوله: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} (٢) ، فبقي للحمل ستة أشهر، وهو قول علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة ولا يعلم لهم مخالف.

أو دون أربع سنين: لأن أكثر الحمل أربع سنين في المذهب (٣) ، قالوا: لوقوع ذلك فقد وقع من بعض النساء – وهي ثقة وامرأة صدقٍ – أنها قد ولدت لأربع سنين.

والقول الثاني في المذهب وهو اختيار ابن سعدي: أنه لا يتقيد بأربع سنين، بل قد يكون أكثر من ذلك، وقال: " لأنه الموافق للواقع " وهو كما قال.

فالمسألة مسألة وقوع، فإذا وقع الحمل لأربع سنين فلا مانع أن يقع أكثر من ذلك، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (الولد للفراش..)

قوله: " منذ أمكن وطؤه " أي أن تلد بعد نصف سنة منذ أمكن وطؤه.

فإذا عقد على المرأة وأمكن وطؤه (٤) ثم ولدت بعد نصف سنة فإن الولد يلحق به.

فإذا عقد على امرأة وهو وهي في بلد واحد ولم يدخل بها، فهنا يمكن الوطء لكننا لم نتحقق من الوطء لعدم الدخول، فهنا يلحق به.

لكن لو تحققنا وعلمنا عدم إمكان الوطء، كأن يكون هو في بلد وهي في بلد آخر بعيد ويُعلم أنه لا يخفى مسيره من تلك البلدة إلى هذه البلدة، فحينئذٍ قد تحققنا أنه لم يطأها فلا يلحق به، هذا هو تحرير مذهب الحنابلة في هذه المسألة.

إذن: يعلقون الإلحاق بإمكان الوطء، لكن لو تحققنا أنه لم يطأها فإنه لا يلحق به، ولذا فلو كان مجبوب الذكر والأنثيين فإنه لا يلحق به، وذلك لأننا نقطع أن مثله لا يولد له.


(١) سورة الأحقاف ١٥.
(٢) سورة البقرة.
(٣) في الأصل: لأن أكثر الحمل في المذهب أربع سنين.
(٤) في الأصل: الوطء.

<<  <  ج: ص:  >  >>