وختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، وذكر شيخ الإسلام:" أنه هو ما يدل عليه كلام الإمام أحمد، وأن عليه كلام متقدِمي أصحاب الإمام أحمد "، واختاره من المتأخرين الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: أن الاستثناء يصح وإن لم ينوِ المستثنى منه فيما يقصد به اليمين لا الإيقاع.
واستدلوا بأدلة من الكتاب والسنة، فمن ذلك قوله تعالى {ولاتقولن لشيءٍ إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} ، فجمهور المفسرين أن هذا فيمن نسي الاستثناء.
والقول الثاني عند المفسرين أنه يعم من نسي الاستثناء ومن لم ينسه قال ابن القيم: وهو الصواب: " وعلى كلا التفسيرين فإن المسألة المتنازع فيها داخلة في هذه الآية "، فالرجل إذا قال:" سأفعل غداً " وقد نسي أن يستثني ثم قال " إن شاء الله " فهذا الإستثناء نافع مع أنه لم ينوه مع لفظه، فكذلك في هذه المسألة المتنازع فيها، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين، أن سليمان عليه السلام قال:" لأطوف الليلة على سبعين تحمل كل امرأة فارساً يجاهد في سبيل الله " فقال له الملك: " إن شاء الله " فلم يقل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فلم تحمل شيئاً - أي من نسائه – إلا واحداً قد بقي أحد شقيه، ولوا قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله) ، فهذا الحديث دل على أن قوله:" إن شاء الله " بعد الكلام نافع ومؤثر، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في المتفق عليه لما نهى عن قطع شوك مكة وحشيشها قال له العباس " إلا الإذخر " فقال: (إلا الإذخر) ، ولم يكن قد نوى الاستثناء وهذا هو القول الراجح لقوة أدلته.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين