وأما إذا ثبت بالشهود فأول من يرجم هم الشهود أنفسهم ثم الناس، صح بذلك الأثر عن علي بن أبي طالب كما في مصنف ابن أبي شيبه.
ولم يذكر المؤلف هنا الجلد مع الرجم وهذا هو مذهب الجمهور وأن الزاني المحصن يرجم ولا يجلد.
والقول الثاني في المسألة: وهو مذهب أهل الظاهر ورواية عن أحمد.
أنه يجمع له بين الجلد والرجم.
أما أهل القول الأول:
فاستدلوا:?بأن النبي - صلى الله عليه وسلم -?رجم اليهوديين كما في الصحيحين ورجم ماعزاً، كما الصحيحين أيضاً، ورجم الجهنية كما مسلم، وقال - صلى الله عليه وسلم -????واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فرجمها) ، فهذه الأحاديث كلها ليس فيها الجلد.
وقد صح عن عمر بن الخطاب، كما في مصنف ابن أبي شيبه أنه رجم رجلاً ولم يجلده.
?وأما أهل القول الثاني:
فاستدلوا: بحديث عبادة المتقدم وفيه: "الثيب بالثيب جلد مائة والرجم".
وصحّ هذا من فعل علي بن أبي طالب كما في مسند أحمد، أنه جلد شراحة الهمدانية يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال:"جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -??
والصحيح هو القول الأول: لأن ذلك هو آخر الأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -?
لأن حديث عبادة "خذوا عني خذوا عني) الحديث، ظاهر في أنه أول حديث للنبي - صلى الله عليه وسلم -?بعد الحكم السابق، فقد قال تعالى:((واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم.. إلى قوله: أو?يجعل الله لهن سبيلاً)) ، فهذا هو أول حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -?بعد فسخ الحكم الأول، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم -?لم يجلد.
وهذا يدل عليه النظر أيضاً، فإن القتل يأتي على ما دونه من ذلك ثم إن ترك عقوبة خطأ أولى من فعلها خطأً، فكوننا نترك عقابه على وجه الخطأ فنكون معذورين في ذلك، أولى من أن نقيم عليه هذه العقوبة ونكون مخطئين في ذلك.