والعمل عليه عند أهل العلم.
فإن قيل: لم فرّق الشارع وبين السارق بين المختلس والمنتهب والخائن؟
فالجواب: أن الفرق بينهما هو أن السرقة قد وقعت على مال احتاط عليه صاحبه وحفظه في حرزه، فلا يمكن حفظ المال إلا بمثل هذه العقوبة العظيمة.
بخلاف المنتهب والمختلس والغاصب فإنه ليس على جهة الاختفاء فالناس يمكنهم أن يأخذوا على يد هذا المنتهب ويد هذا المختلس ويد هذا الغاصب.
وفي بعضها ما يكون فيه تفريط من صاحب المال كما يقع في الاختلاس وكما يقع في الوديعة.
فإن الجناية في الوديعة تقع حيث فرط في وضعها عند الأهل فإذا وضعها عند من ليس بأهل كان في الغالب، الجحد وحينئذ يكون مفرطاً في ذلك.
قال: [أو عارية أو غيرها] .
???أي لا قطع على خائن عارية، أو غيرها من الأمانات وما ذكره المؤلف هنا من أن خائن العارية لا يقطع تبعاً لصاحب المقنع هو أحد الروايتين عن الإمام أحمد وهو مذهب جمهور العلماء.
??قالوا: لأنها ليست بسرقة والأدلة إنما وردت في السرقة وهي من خيانة الوديعة والنبي - صلى الله عليه وسلم -?لم يقطع خائن الوديعة.
والقول الثاني في المسألة: وهو المشهور في مذهب الإمام أحمد وهو قول اسحاق وهو مذهب أهل الظاهر، أن القطع يثبت في جحد العارية.
?واستدلوا: بما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة، " أن امرأة كانت تستعير المتاع فتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -?بقطع يدها" والحديث أصله في الصحيحين.
وأعل بتفرد معمر عن الزهري، وهذا لا يصح فإنه قد تابعه على هذا الحديث أيوب بن موسى وتابعه عليه شعيب بن إسحاق فلا تصح تفرد معمر بهذا الحديث.
وهو ثابت من حديث ابن عمر في سنن أبي داود والنسائي، ومن حديث سعيد بن المسيب مرسلاً في سنن النسائي فالحديث صحيح، وكما قال الإمام أحمد: "لا شي يدفعه".
وأجيب عن هذا الحديث، بأن هذا وصفُ للمرأة، وليس أنها قطعت بذلك، فمن وصفها أنها كانت تستعير المتاع فتجحده، لا أن القطع كان نسيه ذلك.