للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: [بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به] .

فإذا كان يكفي بالتهديد فإنه يفعل، فإن لم يكف فبالعصا، فإن لم يكف فبالحديد، فإن لم يكف فبما هو أعلى منه إلى أن يصل ذلك إلى القتل.

لكن إن كان ينزجر بالتهديد ولكنه اعتدى عليه بالحديد أو قتله فحينئذ قد فعل مالا يحل له وعليه الضمان.

إذن يجب التدرج بالأسهل.

لكن لو قال: أنا لو هددته وعلم بموضعي خشيت على نفسي وأنا أعلم أنه لا يمكنني أن أنفك منه إلا بضربه فحينئذ يجوز له ذلك.

قال: [فإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك ولا ضمان عليه] .

لأنه فعل مأذون شرعاً.

لما ثبت في البخاري: أن رجلاً عض يد رجل، فنزع يده فخرجت ثناياه فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل فلا دية) .

فهنا لم يوجب له دية ثناياه، وهذا يدل كما قال ابن القيم أن من تخلص من يد ظالم، فأتلف نفس الظالم أو شيئاً من أطرافه أو ماله فذلك هدر.

لكن لو قتله ويمكن أن يندفع بدون ذلك فإن عليه الضمان.

وكذلك: لو أصاب يديه، وحينئذ لا يستطيع أن يدافع عن نفسه فأتى إلي رجليه، فإن عليه دية الأرجل، لأن هذا الفعل ليس بمأذون فيه.

فإذا اعتدى رجل عليه أو على أهله فقتله فهذا حلال حتماً بينه وبين الله، لكن الذي يحكم به القاضي هو الظاهر فيقتل القاتل إلا أن تقر بذلك أولياء المقتول فإنه لا يقتل وهذا هو كلام الحنابلة.

لكن شيخ الإسلام استثنى ما إذا كانت القرينة الظاهرة تدل على صدقه، كأن يكون رجل معروف بالبر، ودخل في بيته رجل معروف بالفجور فقال شيخ الإسلام تقبل يمين القاتل فيحلف أنه دخل بيته وأراد الاعتداء على عرضه فقتله ولم يتمكن من دفعه إلا بالقتل فحينئذ يقبل قال: لا سيما إذا كان معروفاً بالتعرض له قبل ذلك.

وما اختاره شيخ الإسلام هو الظاهر، ولا يمكن قيام مصالح الناس إلا بهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>