للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يدل عليه أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم – في المتفق عليه -: (لا يمنعن أحداً منكم أذان بلال عن سحوره) (١) ومن هنا نستفيد أنه كان قبيل أذان الفجر بحيث أنه يخشى على الناس أن يلبس عليهم أهو الأذان الأول أم الثاني " فإنه يؤذن بليل ليرجع قائمكم " ليستريح قليلاً في فراشه ليستعد لصلاة الفجر " ولينبه نائمكم " (٢) ليستعد لصلاة الفجر وليستعد للسحور.

إذن: هو بقدر ما إذا كان الرجل نائماً بحيث أنه يستعد للوضوء أو الغسل أو نحو ذلك، ويستعد – إن كان مريداً للصوم بأن يطعم، فيكون قدراً كافياً لسحوره.

ومن هنا نعلم أن الأذان بعد نصف الليل وقبل الوقت المذكور أنه ليس بمشروع لأنه عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فهو رد.

ويستحب لمن أذن الأذان الأول أن يكون هناك من يؤذن الأذان الثاني وأن يعرف الناس أنه يؤذن الأول لئلاً يلتبس عليهم فيتضررون في صلاتهم وعبادتهم.

يستحب أن يكون عرف الناس أنه يؤذن بليل لئلا يلتبس الأمر عليهم، ويستحب أن يكون هناك مؤذن آخر يؤذن للفجر.

وهذا الاستحباب في الاكتفاء به نظر، والأظهر وجوب ذلك أو شرطيته وأن ذلك شرط وهذا مقتضى كلام الموفق في كتاب الكافي (٣) ؛ وذلك لأنه متى ترك الأذان الثاني فإنه يكون قد أخل بالواجب الأصلي وهو أذان الفجر عند دخول الوقت وإذا أذن بحيث يلبس على الناس فإنه قد أوقعهم بخلاف المقصود من الأذان الشرعي، فكان الواجب لا المستحب فقط أن يكون هناك من يؤذن الأذان الثاني وأن يعرف الناس أن هذا هو الأذان الأول بحيث لا يلبس عليهم أمر صلاتهم وصيامهم.

وقال في المبدع: " وأما ما يفعله الناس في زماننا من الأذان في أول الثلث الأخير فهو خلاف السنة وفي جوازه نظر " (٤) وهو كما قال بل الراجح أنه ليس بصحيح.

والحمد لله رب العالمين.

الدرس الخامس والخمسون


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان قبل الفجر (٦٢١) ومسلم (١٠٩٣) .