للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدلوا بما ثبت في الصحيحن أن عمر بن الخطاب قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق: " ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب "، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (والله ما صليتها، فتوضأ وتوضأنا ثم صلى بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب) (١) .

وذهب الشافعية: إلى أنه ليس بفرض بل مستحب، قالوا: لأن ما ذكرتموه فعل، والفعل لا يدل على الوجوب.

وهذا القول قول – في الحقيقة – قوي ظاهر؛ ذلك لأن الصلاة أوجبها الله تعالى مرتبة حيث تصلى في وقتها، فالترتيب مستحق الوقت، فيسقط بسقوطه، فمادام الوقت سقط فالترتيب تبع له،فيسقط بسقوطه. هذا هو الذي يظهر ويتبين، ونحتاج إلى دليل على فرضية الترتيب ولا دليل يدل على ذلك.

والترتيب فرض الوقت وقد سقط الوقت فيسقط بسقوطه، ومن صلى الصلاة فقد فعل ما أمر به، وكوننا نفرض عليه الترتيب، هذا يحتاج إلى دليل، فإن الوقت قد سقط وكوننا نوجب عليه الترتيب وقد أدى الصلاة على ما أمره بها الشارع، فإن ذلك محل نظر ظاهر. إذ لا دليل على ذلك.

إذاً: الراجح أن الترتيب بين الفوائت وبين الحاضرة والفائتة إنما هو مستحب. وهو مذهب الشافعية.

وهذه المسألة التي سيأتي ذكرها مبنية على المشهور في المذهب، وهو مذهب الجمهور من وجوب الترتيب بين الفائتة والحاضرة وبين الفوائت.

قال: [ويسقط الترتيب بنسيانه]

فلو صلى غير مرتب ناسياً فالصلاة تصح؛ قالوا: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (٢)


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب قول الرجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما صلينا، (٦٤١) ، ومسلم (٦٣١) .
(٢) قال في الأربعين: " حديث حسن ".

أخرجه ابن ماجه في كتاب الطلاق (٢٠٤٣) قال رحمه الله: " حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي حدثنا أيوب بن سويد حدثنا أبو بكر الهُذلي عن شهر بن حوشب عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ".
وأخرج البيهقي في السنن الكبرى (٧ / ٣٥٦) في باب ما جاء في طلاق المكره فقال رحمه الله: أخبرنا أبو ذر بن أبي الحسين بن أبي القاسم المذكر وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي في آخرين قالوا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا الربيع بن سفيان نا بشر بن بكر نا الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) جود إسناده بشر بن بكر وهو من الثقات، ورواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي فلم يذكر في إسناده عبيد بن عمير.
أخبرناه أبو سعد الماليني أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ نا عمر بن سنان والحسن سفيان وغيرهما قالوا: نا محمد بن المصفى نا الوليد بن مسلم، فذكره، وقال: عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال: أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب بن سفيان نا محمد بن المصفى نا الوليد نا ابن لهيعة عن موسى بن ورد أنه قال: سمعت عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وضع الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ".