- والقول الثاني في المذهب وهو رواية عن الإمام أحمد: أن هذا الفعل يصح؛ لأنها نقل من الانفراد إلى الجماعة، فأشبهت النقل إلى الإمامة.
تقدم أن النقل إلى الإمامة جائز فرضاً ونفلاً والأدلة تدل عليه، فهو نقل من الانفراد إلى الجماعة.
وهنا كذلك نقل إلى الجماعة من الانفراد إلى الائتمام، فإذا ثبت جواز نقل المنفرد صلاته إلى إمام ليصلي جماعة، فكذلك نقله صلاته إلى مأموم ليصلي جماعة، لا فرق بينهما.
وهذا القول الراجح.
فالراجح في هذه المسائل كلها أنه يصح أن ينقل المنفرد صلاته إلى صلاة جماعة سواء كان ذلك بنية الإمامة أو الائتمام وهو قول في المذهب.
قال المؤلف: (إن نوى المنفرد الائتمام لم تصح)
ظاهره فرضاً ونفلاً، هذا ظاهر الإطلاق.
" كنية إمامته فرضاً "
وظاهره أنه لو نواها نفلاً فإنه يصح.
قال: (وإن انفرد مؤتم بلا عذر بطلت)
إذا كان رجل يصلي مأموماً ثم فارق إمامه.
هو عندما صلى مأموماً فقد تعلقت صلاته بصلاة إمامه حيث نوى، فهنا فرق بين هذه المسألة، والمسألة السابقة.
فالمسألة السابقة: صلى بلا نية الائتمام، أما هنا فقد نوى الاقتداء بالإمام ثم فارق إمامه فما حكم ذلك؟
له حالتان:
١- أن يفارق المأموم لعذر، فالصلاة تصح.
والعذر: ما يباح له ترك الجماعة كأن يخشى فوات رفقة أو ضياع مال أو نحو ذلك فيفارق الإمام ويتم صلاته منفرداً.
ودليل ذلك: ما ثبت في الصحيحين: أن معاذاً صلى بأصحابه العشاء فافتتح البقرة فتأخر رجل من أصحابه فصلى وحده فقيل له: نافقت يا فلان، فقال: ما نافقت لآتين النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أفتان أنت يا معاذ) (١) .
(١) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لمير إكفار من قال ذلك متأولاً أو جاهلا (٦١٠٦) ، راجع (٧٠٠) ، وخرجه مسلم ٤٦٥.