قال: لا تبطل الصلاة بيسير أكل، فقال " بيسير "، وهذا القيد يُخرج الكثير.
لِمَ قيَّد هنا باليسير؟
لأن الأكل الكثير عملٌ كثير، والعمل الكثير في المذهب يستوي فيه السهو والخطأ، فإذا أكل كثيرا سهوا، فالصلاة تبطل.
والراجح وهو رواية عن أحمد: أنه لا فرق بين يسير ولا كثير، فكما أن الكثير في الفعل لا يبطل الصلاة سهوا، فإن الأكل الكثير سهوا لا يبطل الصلاة.
إذاً قوله " بيسير " احتراز من الكثير، فهي فرع عن المسألة، وقد تقدم أن الفعل الكثير يُعذر فيه المكلف بالنسيان، وتُصحَّح عبادته بالسهو، فكذلك الأكل الكثير.
أما لو أكل يسيرا أو كثيرا عمدا، فإن صلاته تبطل بالإجماع؛ لمنافاة ذلك للصلاة، فإن الأكل والشرب ينافي الصلاة، وعلى ذلك فتبطل به الصلاة، وهذا بإجماع العلماء.
وهنا إذا وضع طعاما في فيه، فلا يخلو من حالين:
إما أن لا يمضغه، فهنا لا تبطل الصلاة مع الكراهية، فهذا لا يُعدُّ آكلاً، ولو وضع عِلْكاً في فيه لكنه لم يمضغه، فإن صلاته لا تبطل بذلك.
فإن كان الطعام وضعه في فيه بحيث يتحلل، كما لو وضع سُكَّراً أو نحو ذلك في فيه، فيتحلل هذا السكر، فيدخل جوفه، فإن هذا يُعدُّ آكلاً، وعلى ذلك: فتبطل صلاته.
وأما ما يكون في الأسنان، كأن يطعم ثم يُكبِّر للصلاة، وهناك شيء من الطعام بين أسنانه، فهنا إن كان يجري مع الريق فيدخل الجوف، فإنه لا يبطل الصلاة؛ لأن هذا يشق التحرز منه، وأما إن كان هذا الطعام الذي يكون بين الأسنان يحتاج إلى دفع، يعني لا يجري مع الريق، بل يدفعه ثم يدخله إلى جوفه، ففيه قولان:
والمذهب: أنه يبطل الصلاة. وهذا هو الأظهر؛ لأن هذا أكلٌ، فإذا أخرج ما بين أسنانه ثم ابتلعه، يعني دفعه بريقه حتى دخل جوفه، ففيه قولان لأهل العلم، أظهرهما أنه يبطل الصلاة.
إن أكل يسيرا على سبيل الجهل أو النسيان، فإن صلاته لا تبطل.