للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ظاهر مذهب الإمام أحمد فإنه قال في الإمام: أنه يتحرى، فإذا كان الشك يستوي فيه الطرفان، فيأخذ بالأقل، وأما إذا كان هناك تحرٍّ بتسبيح المأمومين خلفه، لكن لم يكن عنده يقين، بأن يسبِّح واحد فقط بحيث لا يجب عليه الرجوع، فحصل عنده تحر، فرجَّح أحد الطرفين، فهنا يبني على ما تحرى.

كأن يقول الإمام: أنا أشك، هل صليت ثلاثا أم أربعا؟ لكنه لما جلس للثالثة سبَّح به المأموم الذي خلفه، فأصبح عنده ترجيح أنه قد شك، وأنه إنما صلى ثلاثا، فهنا يصلي رابعة، ويكون سجوده بعد السلام، لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا شك أحدكم في صلاته فيتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين) ، متفق عليه، وفي رواية للبخاري (فليتم ثم يسلَّم ثم يسجد) (١) ، إذاً السلام قبل السجود.

واختار شيخ الإسلام، وهو رواية عن أحمد: أن لا فرق بين منفرد ولا إمام، وهذا هو الراجح، وعلى ذلك تكون القاعدة واضحة وهي: أنه إن كان عنده تحر، سواء كان منفردا أم إماما، فإنه يعمل بتحريه وليسجد سجدتين بعد السلام، وإما إذا كان ليس عنده تحري، فليبن على الأقل، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم.


(١) قال ابن حجر في الفتح: " تنبيه لم يقع في هذه الرواية تعيين محل السجود ولا في رواية الزهري التي في الباب الذي يليه، وقد روى الدارقطني من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد مرفوعاً: " إذا سها أحدكم فلم يدر أزاد أو نقص، فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم " إسناده قوي، ولأبي داود من طريق ابن أخي الزهري عن عمه نحوه بلفظ: " وهو جالس قبل التسليم "، وله من طريق ابن إسحاق، قال حدثني الزهري بإسناده، وقال فيه: " فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم " قال الملائي: هذه الزيادة في هذا الحديث بمجموع هذه الطرق لا تنزل عن درجة الحسن المحتج به، والله أعلم ".