للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

الثاني: عن سمرة بن جندب قال: " صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى على أم كعب ماتت وهي نفساء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليها وسطها ".

أخرجه البخاري (٦/ ١٥٣ - ١٥٧) ومسلم (٣/ ٦٠) والسياق له وأبو داود (٢/ ٦٧) والنسائي (١/ ٢٨٠) والترمذي (٢/ ١٤٧) وصححه، وابن ماجه (١/ ٤٥٥) وابن الجارود (٢٦٧) والطحاوي (١/ ٢٨٠) والبيهقي (٤/ ٣٤) والطيالسي (٩٠٢) وأحمد (٥/ ١٩١٤) والحديث واضح الدلالة على السنة أن يقف الامام حذاء وسط المرأة وهو بمعنى حديث أنس: " عند عجيزتها ".

بل هذا مما يزيده وضوحا فإنه أصرح في الدلالة على المراد من حديث سمرة.


= الثالث: أنه خلاف ما فهمه الحاضرون لصلاة أنس، ومنهم العلاء بن زياد العدوي، فإنه لما استفهم من أنس هذه السنة التفت إلى أصحابه وقال لهم: " احفطوا " فلو كانت معللة بتلك العلة التي تعود السنة بالابطال لما اهتم العلاء بها هذا الاهتمام البالغ - وأمر أصحابه بحفظها، وهذا ظاهر والحمد لله.
ولذك لم يلتفت جمهور العلماء إلى هذا التأويل، فذهبوا إلى ما دل عليه الحديث من الوقوف عند رأس الرجل، ووسط المرأة. ومنهم الامام الشافعي وأحمد وأسحاق كما في " المجموع " (٥/ ٢٢٥) قال الشوكاني (٤ - ٥٧): " وهو الحق ".
قلت: واختاره بعض الحنفية، بل هو قول لأبى حنيفة نفسه كما في " الهداية " (١/ ٤٦٢) وأبي يوسف أيضا كما في " شرح المعاني " (١/ ٢٨٤) للامام الطحاوي ورجحه على قولهما الاخر وهو " يقوم من الرجل والمرأة بحذاء الصدر "! وهو قول الامام محمد أيضا وعليه الحنفية، واحتج لهم في " الهداية " بقوله " لأنه موضع القلب، وفيه نور الأيمان، فيكون القيام عنده إشارة إلى الشفاعة لايمانه " ثم ذكر قول أبي حنيفة الأول وأنه احتج بقول أنس " هو السنة " فأجاب عنه صاحب " الهداية " بقوله: " قلنا تأويله: إن جنازتها لم تكن منعوشة فحال بينها وبينهم ".
قلت: قد عرفت مما سبق بطلان هذا التأويل، ثم لو سلم لهم " فما هي حجتهم في مخالفتهم الحديث في شطره الأول وهو الوقوف حذاء رأس الرجل، فقالوا هم: بل يقف حذاءه وليت شعري ما الذي يحملهم على الجهر بمخالفة السنة بمثل هذه التعليلات الباطلة وقولهم: " لانه موضع القلب .. ائتهم قالوا بها في قول لهم، أفلا اخذوا به كما فعل الطحاوي رحمه الله فيكونون اصابوا السنة واخذوا بقول الائمة في آن واحد ومع هذه المخالفة الصريحة لهذه السنة وغيرها مما ياتي التشبيه عليه ينسبون من يتمهم بانهم يقدمون الرأي على السنة إلى التعصب عليه!