للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

أخرجه أحمد (٣/ ٣٩٧ - ٣٩٨) بسند صحيح، وبعضه عند أبي داود وغيره مختصرا وقد تقدم في المسألة (١٧ ص ١٤)

٩٢ - ولا يجوز الدفن في الاحوال الاتية إلا لضرورة:

أ - الدفن في الاوقات الثلاثة لحديث عقبة بن عامر المتقدم، (ص ١٣٠) بلفظ: " ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب ".

والحديث ظاهر الدلالة على ما ذكرنا، وقد ذهب لى ذلك ابن حزم في " المحلى " (٥/ ١١٤ - ١١٥) وغيره من العلماء،.

ومن التأويلات البعيدة، بل الباطلة قول بعضهم: " قوله: (نقبر) أي نصلي " قال أبو الحسن السندي: " ولا يخفى أنه معنى بعيد، لا ينساق إليه الذهن من لفظ الحديث، قال بعضهم " يقال: قبره إذا دفنه، ولا يقال: قبره إذا صلى عليه ".

والاقرب أن الحديث يميل إلى قول أحمد وغيره أن الدفن مكروه في هذه الاوقات " (١)

ب - في الليل لحديث جابر رضي الله عنه:


(١) قلت: وقد رد ذلك التأويل الامام النووي أيضا، ولكنه في سبيل بيان ذلك وقع في تأويل آخر يشبه هذا وادعي دعوى غير ثابتة فقال في " شرح مسلم ": " قال بعضهم إن المراد بالقبر صلاة الجنازة، وهذا ضعيف، لان صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالاجماع، فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الاجماع، بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الاوقات، كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر ... فأما إذا وقع الدفن في هذه الاوقات بلا تعمد فلا يكره ".
قلت: وهذا تأويل لا دليل عليه، والحديث مطلق يشمل المتعمد وغيره، فالحق عدم جواز الدن ولو لغير متعمد، فمن أدركته فيها فليتريث حتى يخرج وقت الكراهة.
وأما ادعاؤه أن صلاة الجنازة لا تكره في مثل هذا الاوقات بالاجماع فوهم منه رحمه الله، فالمسألة خلافية والصواب فيها الكراهة خلاف الاجماع المزعوم، وقد سبق بيان ذلك في المسألة (٨٩) تعليقا عليها (ص ١٣٠) =