قلت: يعني أنه حسن لغيره، وهذا اصطلاح خاص للترمذي أنه إذا قال:" حديث حسن " فإنما يريد الحسن لغيره كما نص عليه هو نفسه في " العلل "، المذكورة في آخر كتابه، وقد جاء له شاهد كما يأتي، وعليه فلا يرد على تحسين الترمذي نقد ابن القطان إياه الذي حكاه صاحب " تحفة الاحوذي ".
أما الشاهد فهو من حديث جابر بن عبد الله.
أخرجه أبو داود (٢/ ٦٣) والحاكم (١/ ٣٦٨) والبيهقي (٤/ ٥٣) وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ".
ووافقه الذهبي وزاد عليهما النووي فقال في " المجموع "(٥/ ٣٠٢): " رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم " قلت: وكل ذلك خطأ، فإن مدار إسناده على محمد بن مسلم الطائفي، وهو وإن كان ثقة في نفسه، فقد كان ضعيفا في حفظه، ولذلك لم يحتج الشيخان به، وإنما روى له البخاري تعليقا، ومسلم استشهادا، ومن العجائب أن الحاكم والذهبي على علم ببعض هذا، فقد ذكر المزي أن الطائفي هذا ليس له في مسلم إلا حديثا واحدا، قال الحافظ ابن حجر:" وهو متابعه عنده، كما نص عليه الحاكم " وكذلك صرح الذهبي في ترجمته من " الميزان " أن مسلما روى له متابعة.
وله شاهد آخر من حديث أبي ذر نحوه.
أخرجه الحاكم بسند فيه رجل لم يسم، وبقية رجاله ثقات.
الأول: عن هشام بن عامر قال: " لما كان يوم أحد، أصيب من أصيب من المسلمين، وأصاب الناس جراحات، (فقلنا: يا رسول الله، الحفر علينا لكل إنسان شديد)، (فكيف تأمرنا)، فقال: احفروا وأوسعوا (وأعمقوا)(وأحسنوا)، وادفنوا الاثنين والثلاثة في القبر، وقدموا أكثرهم قرآنا، (قال: فكان أبي ثالث ثلاثة، وكان أكثرهم قرآنا، فقدم) ".