وذهب إلى الأول الحنابلة، بل هو نص الامام أحمد، فقال أبو داود في (المسائل) (٩٦): (سمعت أحمد بن حنبل قال: لا يصام عن الميت إلا في النذر). وحمل أتباعه الحديث الأول على صوم النذر، بدليل ما روت عمرة: أن أمها ماتت وعليها من رمضان فقالت لعائشة: أقضيه عنها؟ قالت: لا بل تصدقي عنها مكان كل يوم نصف صاع على كل مسكين. أخرجه الطحاوي (٣/ ١٤٢) وابن حزم (٧/ ٤) واللفظ له بإسناد قال ابن التركماني: (صحيح) وضعفه البيهقي ثم العسقلاني، فإن كانا أرادا تضعيفه من هذا الوجه، فلا وجه له، وإن عنيا غيره، فلا يضره، وبدليل ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (إذا مرض الرجل في رمضان، ثم مات ولم يصم، أطعم عنه وثم يكن عيه قضاء وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه). أخرجه أبو داود بسند صحيح على شرط الشيخين، وله طريق آخر بنحوه عند ابن حزم (٧/ ٧) وصحح إسناده. وله طريق ثالث عند الطحاوي (٣/ ١٤٢)، لكن الظاهر أنه سقط من متنة شئ من الناسخ أو الطابع ففسد المعنى. قلت: وهذا التفصيل الذي ذهبت إليه أم المؤمنين: وحبر الامة أبن عباس رضي الله عنهما وتابعهما إمام السنة أحمد بن حنبل هو الذي تطمئن إليه إلنفس، وينشرح له الصدر، وهو أعدل الاقوال في هذه المسألة وأوسطها وفيه إعمال لجميع الاحاديث دون رد لاي واحد منها، مع الفهم الصحيح لها خاصة الحديث الأول منها، فلم تفهم منه أم المؤمنين ذلك الاطلاق الشامل لصوم رمضان، وهي راويته، ومن المقرر أن رأوي الحديث أدرى بمعنى ما روى، لا سيما إذا كان ما فهم هو الموافق لقواعد الشريعة وأصولها، كما هو الشأن هنا، وقد بين ذلك المحقق ابن القيم رحمه الله تعالى، فقال في (إعلام الموقعين) (٣/ ٥٥٤) بعد أن ذكر الحديث وصححه: =