للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَصحَابِهِ فَقَالَ: «مَنْ حَافظَ عليها كَانَتْ له نُورًا وبُرهَانًا ونَجَاةً يَومَ القِيَامَةِ، ومَن لم يُحَافِظْ عليها لم يَكُنْ له نُورٌ ولا بُرهَانٌ ولا نَجَاةٌ، وحُشِرَ يَومَ القِيَامةِ مع فِرعَونَ وهَامَانَ وقَارُونَ وأُبَيِّ بنِ خَلَفٍ» (١).

فهَذَا يَدُلُّ على عِظَمِ شَأنِهَا، وأنَّ حِفظَهَا هو طَرِيقُ النَّجَاةِ، وأنَّ إِضَاعَتَهَا هو طَرِيقُ الهَلَاكِ.

قال بَعضُ أَهْلِ العِلمِ: وإِنَّماَ يُحشَرُ مَنْ ضَيَّعَ الصَّلَاةَ مع فِرعُونَ وقَارُونَ وهَامَانَ وَأُبَيِّ بنِ خَلفٍ؛ لأنَّ مَنْ ضَيَّعَهَا إمَّا أن تَكُونَ إِضَاعَتُهُ لها بِأَسبَابِ الرِّيَاسَةِ والْمُلْكِ والإِمَارَةِ؛ فَيكُونُ شَبِيهًا بِفرْعَونَ، حَمَلَهُ مُلكُهُ ورِيَاسَتُهُ على أن طَغَى وبَغَى وتَكَبَّرَ عن الحَقِّ.

وإمَّا أن تَكُونَ الأَسبَابُ لِشُغلِهِ بِالوُظيفَةِ والوزَارَةِ فَيكُونُ شَبِيهًا بِهَامَانَ وَزِيرِ فِرعَونَ، شَغَلَهُ ما هو فيه مِنْ وَزَارَةٍ والأَعمَالِ الوَظِيفِيَّةِ عن الإِجَابةِ إلى مُوسَى عليه السلام والمُوَافَقَةِ لِمَا دَعَا إليه.

وإما أن يَتركَهَا مِنْ أَجلِ المَالِ والشَّهَوَاتِ وما أَعطَاهُ اللهُ مِنْ رَفَاهَةِ العَيشِ؛ فَيكُونُ شَبِيهًا بِقَارُونَ الذي أَعطَاهُ اللهُ أَموَالًا عَظِيمَةُ وتَكَبَّرَ بِسبَبِ ذَلكَ وبَغَى؛ فلم يُجِبْ إلى الحَقِّ؛ فَخسَفَ اللهُ به وبِدَارِهِ الأَرضَ، فهو يَتَجَلجَلُ فيهَا إلى يَومِ القِيامَةِ هو ودَارُهُ.

وإما أَنْ يَكُونَ المَانِعُ لَه شُغلَهُ بِأعمَالِ التِّجَارةِ والبَيعِ والشِّرَاءِ؛ فَيكُون شَبِيهًا بِأُبَيِّ بنِ خَلفٍ تَاجرِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَيُحشَرُ معه إلى النَّارِ، نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.


(١) رواه أحمد في «المسند» (٦٥٧٦)، وأورده الهيثمي في «المجمع» (١/ ٢٩٢)، وقال: رواه أحمد والطبراني في «الكبير»، و «الأوسط» ورجال أحمد ثقات.

<<  <   >  >>