للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حينما سمعا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته" ١، قالا: هذا يدل على أن مطل غير الغني ليس بظلم٢.

فدل ذلك على أن انتفاء الحكم عن الواقعة التي ورد بها النص عند انتفاء القيد، وثبوت نقيضه هو المتبادر من فهم أئمة اللغة. والتبادر بدون قرينة أمارة الحقيقة، وعرف أهل اللغة حجة وإلا لم يكونوا أئمة فيها.

ثم إن الظاهر أن عرفهم يستند إلى أصل لغوي، إذ لا مجال للاجتهاد بالرأي في إثبات الأوضاع اللغوية٣، وقد نقل هذا الفهم عنهم نقلاً


١ متفق عليه، رواه البخاري باب الحوالة ٣/١٢٧، ط دار إحياء التراث، قدم لهذه الطبعة أحمد محمد شاكر، ومسلم في باب تحريم مطل الغني وصحة الحوالة واستحباب قبولها إذا أحيل على ملئ، النووي مع مسلم ١٠/٢٢٧ المطبعة المصرية ومكتبتها، وهناك رواية أخرى بلفظ "لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته" رواها أهل السنن راجع المختصر لابن الحاجب ٢/١٧٥، والأحكام للآمدي ٣/٦٩، وروضة الناظر ص: ١٤٠.
٢ المراجع السابقة، وشرح الكوكب المنير ص: ٢٤٦ - ٢٤٧، وتيسير التحرير١/١٠٣، والمستصفى للغزالي ٢/٧٣، وروضة الناظر مع شرحها ٢/٢٠٧.
٣ يشبه هذا إجماع المجتهدين في عصر من العصوم على حكم شرعي؛ إذ لا بد أن يكون إجماعهم مستنداً إلى أصل شرعي، وإن لم يصرحوا به.
تيسير التحرير ١/١٥٤ - ١٥٥، والمناهج الأصولية ص: ٤٤٣.
وهنا نشير إلى مدى صلة العقل الإنساني باللغة، فلا مراء أن العقل ليس له دخل في وضع مادة اللغة، لكن هذا لا ينفي أن يكون للعقل مدخل في تقرير مقتضى الحكمة والمنطق الذي ينبغي أن يكون عليه وضع اللغة.
ذلك أن واضع اللغة لم يكن إبّان وضعه لها بمعزل عن المنطق والحكمة.
المناهج ص: ٤٤٤، وتيسير التحرير ١/١٥٥.

<<  <   >  >>