للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الماء من الماء" يدل على نفي الغسل من غير إنزال لما كان ناسخاً له، وقد نوقش هذا المثال من قبل المخالفين، حيث قالوا: إن اتفاق الصحابة على النسخ ليس مرده إلى المفهوم، بل لمدلول العموم والحصر، لأن (أل) في الماء، للجنس وفيها معنى حصر المبتدأ في الخبر، وهذا خارج عن محل النزاع.

٣ - ومثال القياس على الحكم المأخوذ بطريق المفهوم: ما تقدم في كفارة القتل من أن الآية الكريمة قد اشترطت بمنطوقها الإيمان في كفارة القتل، ودلت بمفهومها المخالف على أن غير المؤمنة لا تجزئ، فقاس الجمهور على كفارة القتل الخطأ كفارة الظهار فاشترطوا فيها أن تكون مؤمنة بناء على صحة هذا القياس، وكان رد الحنفية عليهم بأن أصل القياس ليس حكماً شرعياً، بل عدماً أصلياً؛ فلا يصح هذا القياس، لأن العدم ليس بحكم شرعي، ودفع هذا الاعتراض من قبل الجمهور بأن المعدي وجوب القيد، وهو حكم شرعي ثابت بمنطوق النص، وبهذا المثال تبين أن الخلاف في حمل المطلق على المقيد له صلة قوية بالخلاف في حجية مفهوم المخالفة كما سبق أن أشرنا إلى ذلك١.


١ فمن يرى أن مفهوم القيد حجة جعله سبباً لحمل المطلق على المقيد، ومن لا يرى ذلك نفي السببية وقال بعدم الحمل، لعدم وجود التعارض الظاهري.

<<  <   >  >>