المبحث الثاني: المعاجم القرآنية المفهرسة: تعريف ونقد:
اقتصرت جهود السابقين من علمائنا ـ كما أسلفنا القول ـ على اختيار الألفاظ الغريبة؛ لحاجتهم إلى معنى اللفظ القرآني وشرح غريبه، ثم تصنيف ذلك وفق منهج مختار؛ ولم تتجه جهودهم إلى صنع فهارس شاملة لكلمات القرآن الكريم لعدم مسيس الحاجة إلى ذلك؛ إذ لم يكن عزيزا على الناشئة الاسترشاد إلى مواضع الآيات في المصحف الشريف فضلا عن العلماء والباحثين، فعامتهم من الحفظة لكتاب الله عز وجل.
وفي العصر الحديث تطورت الصناعة المعجمية عالميا، وخضعت لمواصفات عامة، واستخدمت الأجهزة الحديثة لبناء قواعد للبيانات والاستفادة منها في الحصول على المادة وترتيبها، وبرزت اتجاهات متعددة في صنع المعجمات، كان من بينها " المعجمات المفهرسة " التي تعتمد على إحصاء مواد الدراسة إحصاء دقيقا ثم فهرستها وتصنيفها تمهيدا لدراستها (١) ، فظهرت حاجة الباحثين إليها من أبناء المسلمين وغيرهم.
واتجه نفر من المستشرقين الذين لا يتبعون هذا الدين الحنيف إلى إحصاء ألفاظ القرآن والحديث الشريف ووضع فهارس شاملة للدلالة على مواضعها في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة مما ييسر على الباحث العثور على طلبته بأقصر وقت وأيسر مؤونة، فاضطلع المستشرق الألماني (فلوجل) بوضع أول فهرس شامل للقرآن الكريم، أسماه: " نجوم الفرقان في أطراف
(١) ينظر: صناعة المعجم العربي الحديث: ٢٧، والاتجاهات الحديثة في صناعة المعجمات: ٩٩.