كتاب المعجب في تلخيص أخبار المغرب

فصل في ملك بني عباد بإشبيلية - ص: 119

تزيد على ابن مروان عطاءً ... بها وأنيفُ ثَمَّ على جريرِ١

تأهبْ أن تعود إلى طلوع ... فليس الخسف ملتزم البدورِ

فراجعه المعتمد بهذه الأبيات: من الخفيف

رد بِرِّي بغيًا علي وبرًّا ... وجفا فاستحق لومًا وشُكْرَا

حاط نزري إذ خاف تأكيد ضري ... فاستحق الجفاء إذ حاط نَزْرَا

فإذا ما طويت في البعض حمدًا ... عاد لومي في البعض سرًّا وجهرَا

يا أبا بكر الغريب وفاء ... لا عَدِمناك في المغارب ذُخرَا

أي نفع يجدي احتياط شفيقٍ ... متُّ ضرًّا فكيف أرهب ضُرَّا؟ ٢

فأجابه ابن اللبانة رحمه الله: من الخفيف

أيها الماجد السَّمَيْدَعُ عذرًا ... صَرْفي البر إنما كان برَّا٣

حاشَ لله أن أجيح كريمًا ... يتشكى فقرًا وكم سد فقرَا٤

لا أزيد الجفاء فيه شُقوقًا ... غدر الدهر بى لئن رمت غدرَا٥

ليت لي قوة, أوَآوي لركن ... فترى للوفاء مني سِرَّا؟! ٦

أنت علمتني السيادة حتى ... ناهضت همتي الكواكب قدرَا٧

ربحت صفْقة أزيل بُرودًا ... عن أديمي بها وألبس فخرَا٨

وكفاني كلامك الرطب نيْلًا ... كيف ألفي درًّا وأطلب تِبْرَا؟! ٩

لم تمت, إنما المكارم ماتت ... لا سقى الله بعدك الأرض قَطْرَا١٠

---

١- ابن مروان: هو عبد الملك بن مروان، الخليفة الأموي المتوفى سنة ٨٦هـ/٧٠٥م. جرير: هو جرير بن الخطفي، الشاعر الأموي المتوفى سنة ١١٠هـ/ ٧٢٨م.
٢- الشفيق: المشفق، من شفق عليه: رق له وعطف عليه.
٣- الماجد: الشريف الخيِّر. السميدع: السيد الكريم السخي، أو الرئيس الشجاع.
٤- "أجيح كريمًا": يقال: جاح فلان: هلك مال أقربائه، وجاحت المصيبة المال: أهلكته واستأصلته.
٥- الشقوق: الصدوع, أو الثقوب.
٦- آوى إلى المكان: لجأ إليه.
٧- ناهض فلان: قاوم، والمراد هنا: سابق وبارى.
٨- الصفقة: العقد، أو البيعة، أو ضرب اليد عند البيع علامة إنفاذه.
٩- ألفى الشيء: وجده. التبر: الذهب.
١٠- القطر: المطر.