للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل حياة عبد المؤمن* وأعماله وعُمَّاله

وعبد المؤمن هذا، هو عبد المؤمن بن علي بن عَلَوي الكومي، أمه حرة كومية أيضًا، من قوم يقال لهم: بنو مُجْبَر. مولده بضَيْعة من أعمال تلمسان تعرف بـ تاجرا؛ وقيل: إنه كان يقول إذا ذكر كومية: لستُ منهم، وإنما نحن لقيس عيلان بن مضر بن نِزَار بن مَعَدِّ بن عَدْنان، ولكومة علينا حق الولادة بينهم والمنشأ فيهم، وهم الأخوال. وهكذا أدركت من أدركت من أولاده وأولاد أولاده ينتسبون لقيس عيلان بن مضر، وبهذا استجاز الخطباء أن يقولوا إذا ذكروه بعد ابن تومرت: قسيمه رضي الله عنه في النسب الكريم.

كان مولده في آخر سنة ٤٨٧ في أيام يوسف بن تاشفين؛ وكانت وفاته في شهر جمادى الآخرة سنة ٥٥٨، ومدة ولايته من حين استوسق١ له الأمر بموت علي بن يوسف أمير المسلمين -في سنة ٣٧ على التحقيق- إحدى وعشرين سنة، إلى أن توفي في التاريخ المذكور.

وكان أبيض ذا جسم عَمم٢ تعلوه حمرة، شديد سواد الشعر، معتدل القامة، وضيء الوجه، جَهْوَريَّ الصوت٣، فصيح الألفاظ، جَزْل المنطق٤. وكان محبَّبًا إلى النفوس؛ لا يراه أحد إلا أحبه بديهةً. وبلغني أن ابن تومرت كان يُنشد كلما رآه: من البسيط

تكاملت فيك أخلاقٌ خُصصتَ بها ... فكلنا بك مسرورٌ ومغتبطُ

فالسن ضاحكة، والكف مانحة ... والصدر منشرح، والوجه منبسطُ

أولاده

كان له من الولد ستة عشر ذكرًا، وهم: محمد، وهو أكبر ولده وولي عهده، هو الذي


* ترجمته في: الأعلام: ١٧٠/٤.
١- استوسق له الأمر: أمكنه، واستوسق الأمر: انتظم.
٢- اعتم الرجل: تم وطال.
٣- جَهْوَرَ فلان: رفع الصوت بالقول، ويقال: جهور الصوت، فالرجل جهوريّ، والصوت كذلك.
٤- الجزل من الكلام: القوي الفصيح الجامع.

<<  <   >  >>