كتاب المعجب في تلخيص أخبار المغرب

أولية بنى حمود - ص: 45

وله من قصيدة طويلة: من الطويل

أنا الشمس في جو العلوم منيرة ... ولكن عيبي أن مطلعي الغربُ

ولو أنني من جانب الشرق طالع ... لجد على ما ضاع من ذكري النَّهْبُ

ولي نحو أكناف العراق صبابةٌ ... ولا غَرْوَ أن يستوحش الكَلِفُ الصَّبُّ١

فإن يُنزل الرحمن رحلِيَ بينهم ... فحينئذ يبدو التأسف والكربُ

فكم قائل: أغفلته وهو حاضر ... وأطلب ما عنه تجيء به الكُتْبُ!

هنالك يدري أن للبعد قصة ... وأن كساد العلم آفته القربُ! ٢

فيا عجبًا من غاب عنهم تشوقوا ... له، ودنو المرء من دارهم ذنبُ

وإن مكانًا ضاق عني لضيقٌ ... على أنه فُسْحٌ مهامهه سُهْبُ٣

وإن رجالًا ضيعوني لَضُيَّعٌ ... وإن زمانًا لم أنل خصبه جدبُ

ومنها في الاعتذار عن مدحه لنفسه:

ولكن لي في يوسف خير أُسوةٍ ... وليس على من بالنبي ائتسى ذنبُ٤

يقول -وقال الحق والصدق-: إنني ... حفيظ عليهم؛ ما على صادق عتبُ

ومن المختار له قوله: من البسيط ... لا يشمتَنْ حاسدي إن نكبة عرضتْ

فالدهر ليس على حال بمُتَّرَكِ ... ذو الفضل كالتِّبْر طَوْرًا تحت مِيقعَةٍ

وتارةً في ذُرا تاج على ملكِ! ٥ ... ومن ذلك قوله: من الوافر

لئن أصبحتُ مرتحلا بشخصي ... فرُوحي عندكم أبدًا مقيمُ

ولكن للعِيان لطيف معنًى ... له سأل المعاينة الكليمُ٦

---

١- الأكناف: النواحي، والجوانب. الصبابة: رقة الشوق وحرارته. الكلف: المولع. الصب: العاشق المشتاق.
٢- كسد الشيء كسادًا وكسودًا: لم يَرُجْ لقلة الرغبة فيه، وكسدت السوق: لم تنفق.
٣- الفسح: الواسع. المهامه: جمع المَهْمَه: المفازة البعيدة، أو البلد المُقْفر. السُّهْب والسَّهْب: الفلاة.
٤- يوسف: هو يوسف النبى -عليه السلام-. ائتسى به: اقتدى.
٥- التبر: الذهب. الميقعة: الموضع الذي يألفه البازي فيقع عليه، أو المطرقة.
٦- عاين الشيء معاينة وعيانًا: رآه بعينه، ويقال: لقيته عيانًا: لم أشكَّ في رؤيتي إياه. الكليم: هو موسى النبى "عليه السلام".