ولكن مهما حدث من تغير في مظاهر السطح؛ فإن الاستدلال على وجود الثنيات المحدبة أو الثنيات المقعرة يظل أمرًا ميسورًا بواسطة الجيولوجيين الذين يمكنهم أن يحددوا نوع الثنيات على أساس ميل طبقات الصخور وترتيبها الزمني؛ حتى أنه من الممكن إعادة تصور الشكل الذي كانت عليه الثنيات قبل أن تختفي معالمها الظاهرية.
الحركات الانثنائية الكبرى خلال العصور الجيولوجية:
إن الانثناءات الكبرى التي تعرضت لها قشرة الأرض خلال العصور الجيولوجية المختلفة هي أهم نتائج العوامل التكتونية التي ساهمت في تكوين الأشكال التضاريسية الكبرى، وأهمها الجبال الانثنائية "الالتوائية" التي تشغل نطاقات ضخمة في مختلف القارات. وقد بنيت هذه الجبال على ثلاث مراحل رئيسية تعرضت قشرة الأرض خلالها إلى حركات تكتونية عنيفة، لم يقتصر أثرها على حدوث الانثناءات الكبرى؛ بل صاحبها كذلك كثير من النشاط البركاني وكثير من التصدع في بعض المناطق. ونظرًا لعنف الحركات التكتونية التي حدثت في هذه المراحل؛ فقد أطلق عليها بعض الباحثين تعبير "الثورات التكتونية" ولتمييز المراحل الثلاث لهذه الحركات فقد سميت كل منها باسم منطقة من المناطق الجبلية التي تكونت أثناءها في قارة أوروبا، لأنها هي القارة. التي أجريت فيها معظم الأبحاث المتعلقة بنشأة الجبال وتطورها.
وقد حدثت هذه الحركات في ثلاثة أزمنة جيولوجية هي الزمن الأول والزمن الثاني والزمن الثالث، وكانت تفصل بعضها عن بعض ملايين من السنين. ومعنى ذلك أن الجبال التي كونتها حركات الزمن الأول قد مضى عليها منذ نشأتها حتى الآن أكثر من مائتا مليون سنة. وخلال هذا العمر الطويل لم تتوقف عوامل التجوية أو عوامل التعرية عن إزالتها وتغيير معالمها؛ ولذلك فقد فقدت معظم ارتفاعاتها وتحولت إلى تلال قليلة الارتفاع أو سهول تحاتية، بل إن التضاريس قد انعكست في بعض أجزائها. إلا أن بعض هذه المناطق ما لثبت أن تعرضت في مراحل تالية لحركات تكتونية أخرى أعادت إليها بعض ارتفاعها. أما الجبال التي