بعضها أن يتسرب إلى أعماق كبيرة في قشرة الأرض، وهكذا فإن المياه التي تتكون من البخار المنطلق من البراكين تعتبر، ولو بصورة جزئية، مياهًا جديدة تضاف إلى مياه سطح الأرض، وهذا يؤكد القول بأن الثورانات البركانية العنيفة التي حدثت بكثرة في المراحل الأولى لتاريخ الأرض قد ساهمت مساهمة كبيرة في تكوين مياه البحار والمحيطات.
أما بقية الغازات فبعضها قابل للاشتعال مثل الأيدروجين. وعندما تختلط هذه الغازات بأوكسجين الهواء؛ فإنها تشتعل فجأة ويتكون من اشتعالها اللهب، الذي يشاهد فوق الفوهة. ويلاحظ أن الغازات التي تنطلق من البراكين ليست ثابتة لا في أنواعها ولا في كمياتها؛ فهي تختلف من بركان إلى آخر بل، وفي البركان الواحد أثناء مراحل ثورانه في المرة الواحدة، أو في المرات المختلفة. كما أن خروجها قد يستمر بهدوء نسبيًّا من بعض فوهات البراكين لعشرات بل لمئات السنين. ومثال ذلك بركان استرامبولي في جزر لاباري في جنوب إيطاليا، حيث تنطلق منه بعض الغازات باستمرار فتشتعل عند قمته معطية ضوءًا مستمرًا. وقد اشتهر هذا البركان لهذا السبب باسم فنار البحر المتوسط، وقد يصحب الغازات التي تخرج منه في بعض الأحيان خروج اللافا المنصهرة بشكل ثورانات خفيفة متقطعة.
السحابة البيلية Pelean Cloud:
وقد يحدث أن تكون الغازات المنطلقة من فوهة البركان كثيفة جدًّا، ومختلطة بكميات كبيرة من الغبار والرماد وغيرها من المقذوفات الصلبة؛ فيظهر هذا الخليط بشكل سحابة ضخمة كثيفة داكنة وشديدة الحرارة جدًّا. فإذا كانت الغازات مندفعة من فتحة جانبية، فإن هذه السحابة تندفع أفقيًّا فوق سطح الأرض بسرعة شديدة فتقضي عند اندفاعها على كل مظاهر الحياة والعمران التي في طريقها. وتشتهر بعض البراكين بهذه السحب وخصوصًا بركان بيليه Mont Pelee في جزيرة المرتين Martinique في البحر الكاريبي؛ ففي إحدى ثورانات هذا البركان "سنة ١٩٠٢" تكونت سحابة ضخمة من هذا النوع، واندفعت بغازاتها السامة وحرارتها المرتفعة، وبما تحمله من مواد صلبة كثيرة بسرعة تفوق سرعة أقوى العواصف فقضت في ثوان معدودة على كل ما صادفها من