وعلى الرغم من أن كل عملية من هذه العمليات تختلف في طبيعتها وفي وظيفتها عن العمليات الأخرى؛ فإنها جميعًا تؤدي أدوارها في وقت واحد. فعندها تقوم الرياح بنحت أو إزالة أجزاء من السطح، فإنها تحمل معها المواد الناعمة التي تكونت بسبب النحت والتجوية، ثم تقوم بترسيبها في أماكن جديدة. ومعنى ذلك أن الرياح تقوم بدورين متضادين أحدهما هو النحت والهدم، والثاني هو الإرساب والبناء، وأشهر الأشكال الجيومورفولوجية الناتجة عن النحت بواسطة الرياح هي المناضد والمسلات الصحراوية ومنخفضات كثير من الواحات، أما أشهر الأشكال الناتجة عن الإرساب الهوائي فهي الكثبان الرملية التي تأخذ غالبًا أشكالًا هلالية أو تأخذ أحيانًا أشكالًا طولية.
ب- المياه الجارية:
إن الدور الذي تقوم به المياه الجارية في تشكيل سطح الأرض يفوق الدور الذي يقوم به أي عامل آخر من عوامل التعرية، بما في ذلك الرياح؛ لأن المياه الجارية يظهر أثرها في كل الأقاليم تقريبًا، بما في ذلك الأقاليم الجافة، ولأنها كذلك ذات قدرة كبيرة على النحت والنقل. ويبدو هذا واضحًا من كثرة الوديان التي حفرتها وضخامة أحجام الكثير منها، ومن اتساع السهول الفيضية التي كونتها، وغير ذلك من المظاهر الكثيرة للتعرية المائية، ونظرًا لأن الأمطار هي مصدر كل المياه الجارية؛ فمن الطبيعي أن يكون دور هذه المياه في تشكيل السطح في الأقاليم المطيرة أكبر منه في غيرها. وأكبر مظهر من مظاهر جريان المياه السطحية هو الأنهار؛ ولذلك فإنها تعتبر من أهم الموضوعات التي يوجه إليها الاهتمام في دراسة الجغرافيا الطبيعية لسطح الأرض.
وتقوم المياه الجارية بكثير من عمليات النحت والإرساب، وأهم مظاهر النحت التي تقوم بها على الإطلاق هي حفر الوديان النهرية بمختلف أشكالها وأحجامها، والمساقط المائية التي تعترض مجاريها في بعض المواضع، أما أهم مظاهر الإرساب فهي السهول الفيضية التي تتكون حول مجاري الأنهار والدلتاوات التي