وبناء على نظرية التوازن فإن كتل اليابس تتعمق في طبقة السيما إلى أعماق تتناسب مع أحجامها وأوزانها؛ ولذلك فإن هذا التعمق يكون كبيرًا في مناطق الجبال منه في مناطق السهول أو المنخفضات، وكلما زادت ضخامة الجبال كان تعمقها أكبر. وتكون الأجزاء المتعمقة في السيما. بمثابة جذور تحفظ لهذه الجبال أو لكتل اليابس عمومًا توزانها، وقد يصل امتداد هذه الجذور إلى حوالي ٤٠ كيلو مترًا في السيما. وهذا هو ما يحدث في مناطق الجبال الانثائية الكبرى في مختلف القارات، أما في المناطق السهلية فإن هذا التعمق يكون محدودًا جدًّا بسبب قلة سمك طبقة السيما، وصغر وزنها بالنسبة لهما في مناطق الجبال.
وعلى أساس هذه النظرية يمكننا أن نتصور ما يحدث إذا استطاعت عوامل التعرية أن تمحو منطقة جبلية وتنقل تكويناتها إلى منطقة أخرى. إن الذي يحدث في هذه الحالة هو أن المنطقة التي تراكمت عليها التكوينات تهبط تدريجيًّا بسبب الثقل الواقع عليها؛ فيزداد تبعًا لذلك العمق الذي تصل إليه جذورها في طبقة السيما؛ بينما يتناقص تعمق جذور المنطقة التي أزيلت تكويناتها في طبقة السيما بسبب تناقص حجمها ووزنها. ومعنى ذلك أن هناك عمليات توازن مستمرة في قشرة الأرض، وأن هذه العمليات مرتبطة بما يطرأ على السطح من تغيرات بسبب عمليات النحت والنقل والإرساب، أو بسبب أي عوامل أخرى، ومع ذلك فإن عمليات التوازن التي تعقب هذه التغيرات تكون غالبًا بطيئة جدًّا؛ بحيث لا تظهر آثارها إلا بمرور آلاف السنين. وذلك بسبب شدة صلابة السيما، ولهذا فإن ظهور نتائج عمليات التوازن يتخلف عن ظهور نتائج النقل والإرساب بوقت طويل.
وقد صادفت نظرية التوازن كثيرًا من النجاح منذ ظهورها، خصوصًا وأنها استطاعت أن تقدم تفسيرات معقولة لبعض الظاهرات الطبيعية التي كان من الصعب تفسيرها قبل ذلك ومن أمثلتها ما يأتي:
١- أن الأبحاث الجيولوجية وعمليات مسح الأراضي في المناطق الجبلية أوضحت أن قوة جذب الجبال للثقل المغناطيسي أقل مما كان مقدرًا لها، "حتى مع الأخذ بعين الاعتبار أن السايال التي تتكون منها الجبال قليلة الكثافة وقليلة الجاذبية