البحرية، كما سنبين عند دراسة التيارات في المحيطات المختلفة، كما أن حركة الأرض حول نفسها تعمل باستمرار على انحراف التيارات البحرية بطريقة متشابهة لانحراف الرياح حسب قانون فرل، ومعنى ذلك أن التيارات تنحرف قليلًا إلى يمين هدفها في نصف الكرة الشمالي، وإلى يساره في نصفها الجنوبي، اللهم إلا إذا اضطرت بسبب شكل السواحل إلى أن تأخذ اتجاهات معينة.
ويمكننا أن نبين مدى تحكم الرياح العامة في نظام التيارات البحرية إذا ما قارنا خريطتي توزيع كل منهما في العالم؛ حيث نرى أن هناك توافقًا شديدًا بينهما، ولتوضيح هذه الحقيقة نبدأ مثلًا بتتبع الرياح التجارية ما بين خطي عرض ١٠ ْ درجة و ٢٠ ْ درجة في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، على أحد المحيطين الأطلسي أو الهادي أننا سنلاحظ أن هذه الرياح تدفع أمامها الطبقة السطحية من مياه الأجزاء الشرقية للمحيط على شكل تيارين مائيين يتجهان نحو خط الاستواء من الشمال ومن الجنوب، ونظرًا لأن هذين التيارين ينتقلان إلى مناطق أشد حرارة من المناطق التي يأتيان منها فإن مياههما تبدو باردة نسبيًّا؛ ولذلك فإنها تساعد على تلطيف درجة السواحل التي تمر بجوارها.
وعندما يصل هذان التياران إلى قرب خط الاستواء يغيران اتجاههما، ويأخذان في التحرك نحو الغرب؛ فيتكون منهما تياران موازيان لخط الاستواء، وهما التيار الاستوائي الشمالي والتيار الاستوائي الجنوبي. وتكون مياههما قليلة الحرارة في أول الأمر؛ ولكنها تسخن تدريجيًّا بسبب شدة الحرارة في هذه العروض، وعندما يقابل هذان التياران الساحل الغربي للمحيط يتجه الأول منهما نحو الشمال بينما يتجه الثاني نحو الجنوب. ونظرًا لأن مياههما تكون حارة؛ فإنها تعمل على تدفئة السواحل التي تمر بها، ويستمر هذان التياران في حركتهما نحو الشمال ونحو الجنوب حتى خط عرض ٤٠ ْ درجة أو ٤٥ ْ درجة تقريبًا، ثم يغيران اتجاههما نحو الشرق بتأثير الرياح العكسية؛ فإذا ما وصلا إلى الجانب الشرقي من المحيط دفعتهما الرياح التجارية مرة أخرى نحو خط الاستواء؛ حيث تبدأ الدورة من جديد. ويلاحظ أن جزءًا من مياه التيارات الاستوائية التي تصل إلى الساحل الغربي للمحيط يرتد نحو