الأرض في معظم أيام السنة، أما بالقرب من الدائرة القطبية فإن هذه الأشعة تسقط مائلة جدًّا خصوصًا في نصف السنة الشتوي، ومن المعروف أن الأشعة العمودية أقوى من الأشعة المائلة كما سبق أن أوضحنا عند الكلام على الإشعاع الشمسي.
ويزداد ميل الأشعة بصفة عامة كلما بعدنا عن المدارين واقتربنا من القطبين؛ فعند مدار السرطان مثلًا يكون نصيب أية بقعة فوق سطح الأرض من أشعة الشمس في ساعة معينة من ساعات النهار أكبر من نصيب أية بقعة أخرى إلى الشمال من ذلك في نفس الساعة على شرط أن تكون نسبة الغيوم ودرجة صفاء الجو واحدة في الحالتين. ولما كانت الشمس تتعامد على خط الاستواء في معظم أيام السنة؛ فإن المتوسط السنوي لما يصيب الأرض من الأشعة هناك يكون أكبر منه في العروض الأخرى، ويزداد الفرق كلما بعدنا عن خط الاستواء. ولكن يجب ألا يفهم من هذا أن خط الاستواء هو أشد مناطق العالم حرارة، وذلك لأن كثافة الحياة النباتية وغزارة الأمطار هناك يساعدان على خفض درجة الحرارة نوعًا ما.
كما يجب أن نلاحظ أيضًا أن ما تستفيده الأرض من أشعة الشمس يتوقف من ناحية أخى على طول النهار الذي يتوقف بدوره على خط العرض؛ فمن الحقائق الثابتة أن النهار يزداد طوله على حساب الليل في فصل الصيف؛ بينما يحدث العكس في فصل الشتاء، وتزداد هذه الظاهرة وضوحًا كلما بعدنا عن خط الاستواء، ولهذا فإنه على الرغم من أن المتوسط السنوي لما يصيب الأرض من أشعة الشمس عند القطبين صغير في جملته بالنسبة للعروض الأخرى؛ فإنه يكون في الفترة ما بين أول يونيو ومنتصف يوليو أكبر منه في أية منطقة أخرى من العالم، ويرجع هذا إلى أن الشمس تستمر ظاهرة طول هذه الفترة دون انقطاع؛ ولكن ليس معنى هذا أيضًا أن القطب يكون في هذه الفترة أشد حرارة من أية بقعة أخرى، وذلك لأن معظم الحرارة المكتسبة من الشمس تستنفذ في صهر طبقات الجليد السميكة التي تغطي المناطق القطبية بدلًا من أن تعمل على سرعة رفع درجة حرارة الهواء.