لنا، فكما أنه يمكن لنا أن ننتفع به يمكن أن نتضرر به، وإذا تفكر أعداء الإسلام
الكافرون بالدين المبين في عالم الخلق وأثاروا شره، ومنعونا عن خيره، ولم نستطع أن ندافع عن أنفسنا ونقاومهم لسبق فكرهم في عالم الخلق على فكرنا فما هو المخلص لنا من شرورهم؟ وكيف نحفظ ديننا وعرضنا وأنفسنا من عدوانهم وإفسادهم؟.
ومرجع السؤال إلى أنه كيف نتفكر في الخلق والتكوين حتى نستطيع لجلب الخير ودفع الشر، ونقدر على الدفاع عن ديننا وملتنا، وعلى حفظ الإنسانية من الدمار والفساد بأيدي المجرمين من أوروبا وأمريكا؟ وهذه هي المشكلة الشديدة التي واجهناها اليوم كما هو ظاهر لا يحتاج إلى البيان.
إن (الفكرة السنية) تدعو إلى أن نستعين بالإيمان، وهذا يقتضي أن نسأل القرآن الكريم لحل هذه المسألة العويصة، وننظر هل فيه هداية خاصة للأمة المسلمة إذا ابتليت بهذا البلاء العظيم؟ بلى وربنا إن القرآن الكريم قد حل هذه المشكلة وهدى إلى صورة خاصة للفكرة السنية الطبيعية التي هي أسرع وأقوم وأنجح من كل فكرة تتحرك في عالم الخلق والتكوين في الدنيا، وسبيل للنجاة من المصيبة التي ابتلينا بها، ليتنا نتبع هذه الفكرة القويمة القوية السريعة، وهذه الطريقة الأقوم التي يدعو إليها الفرقان الحميد قد أشير إليها في (سورة الفلق) فقد قال الله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} ونقدم في السطور الآتية مقدمات يتطلبها توضيح الإشارة.
الأولى: أن الاستقراء يدل دلالة واضحة على أن سنة الله في خلق شيء من شيء في هذا العالم المادي هي (الفلق) ، إن الشجرة لا تنبت إلا بفلق الحب والنواة، وأن ظهور الغصن مسبوق بفلق ساقها، كما أن القوة الذرية (atomic energy) المدهشة لا تظهر إلا بفلق الذرة (atom) وأن النظام الشمسي (solarstem) الذي نعيش تحته قد خلقه الله الخلاق العليم بإبداع الفلق العظيم في مجرة (galaxy) ، وإذا نظرت إلى الحوادث وجدت هذا القانون التكويني أي (قانون الفلق) جارية فيها، ولا تجد مثالا ينفيه.
الثانية: أن الحوادث التي تبدو بعد الفلق كنتيجته بعضها تكون موجبا للخير كما أن بعضها تكون موجباً للشر، فعلينا أن نحصل الخير ونتجنب الشر.