للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

خصص المبرد كتابه هذا للهجوم على سيبويه والاعتراض عليه. وبرغم أن الكتاب لم يصلنا نصه، فقد وصلتنا اقتباسات كثيرة منه في كتب متأخرة تكفي لتكوين فكرة عنه.

وقد كان مثار دهشة وعجب أن يأتي أقصى هجوم على سيبويه من المبرد رأس المدرسة البصرية في عهده، وأن يتعرض المبرد لسيبويه بالنقد والتخطئة، وأن يتعقب زلاته ويؤلف فيها كتابًا كاملًا، ومن أجل هذا حاول بعضهم أن يبرئ المبرد من تهمة التعرض لسيبويه وادعوا بطلان نسبة هذا الكتاب إليه. ومنهم من ادعى أن ما اعترض به المبرد على سيبويه حدث أيام الشباب وأنه عاد فرجع عنه.

وأفضل مرجع حوى اقتباسات من عمل المبرد هو "الانتصار لسيبويه من المبرد" الذي ألفه ابن ولاد المصري المتوفي سنة ٣٣٢ هـ.

ومنه نعلم أن كتاب المبرد يحوي ١٣٤ مسألة، وأن الخلاف بين سيبويه والمبرد كان عميقًا ويعود إلى اختلاف المنهج والخط الفكري في كثير من الأحيان. ومن ذلك منع سيبويه أن يقال: "السقي لك"، و"الرعى لك" بدلًا من سقيًا لك ورعيًا لك لأن العرب لم تتكلم بهاتين العبارتين مع الألف واللام. وقد أجازهما المبرد لأنه لا فرق عنده -في القياس- بينهما بالألف واللام وبين "الحمد لله" و"العجب لزيد"١.

ونعود إلى "الكتاب" فنقول: إنه برغم نسبته إلى سيبويه ففضل الخليل فيه لا يجحد، حتى قيل: إن الأوفق أن ينسب الكتاب إلى الخليل وحده أو إليهما معًا. يقول أبو الطيب اللغوي: "عقد سيبويه كتابه بلفظه ولفظ الخليل٢" ويقول ثعلب: "اجتمع على صنعة الكتاب اثنان وأربعون إنسانًا منهم سيبويه، والأصول والمسائل للخليل"٣.


١ هناك عرض واف لكتاب ابن ولاد مع التعرض لمسائل الخلاف في مجلة كلية المعلمين الجامعة الليبية، العدد الأول، صفحات ١٧٧ - ١٩٠.
٢ المدارس النحوية لشوقي ضيف، ص ٣٤.
٣ مقدمة الكتاب لهارون، ص ٢٤.

<<  <   >  >>