للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولكن إلى جانب هذه الاختلافات بين أبناء المدرسة الواحدة فنحن نجد بعض الخطوط والاتجاهات المشتركة التي يتميز بها أبناء المدرسة الواحدة وعلى هذا فربما قبلنا -مع شيء من التحفظ- هذه القسمة.

والنقد الخطير الذي يمكن أن يوجه إلى هذا المعيار هو احتمال الانحراف في تطبيقه. ربما قبلنا تبرير هذا المعيار على أساس أن الفكرة، أو الاتجاه المعين، إنما يظهر أول الأمر في مكان ما، ومن أجل هذا فمن المعقول أن ينسب هذا الاتجاه أو هذه النظرية إلى مكان الميلاد.

ولكن الشيء الذي لا نقبله هو الزعم بأن هذه المدرسة المعينة لا بد أن تشمل كل المواطنين في هذا المكان -بغض النظر عن اختلافاتهم- وتستبعد من عداهم، دون نظر إلى آرائهم ومدى اتفاقهم أو اختلافهم.

وعلى هذا فنحن نعتقد أن الباب لا بد أن يترك مفتوحًا على مصراعيه ليضم المثقفين، ويعزل المخالفين. إن باب المدرسة البصرية أو الكوفية يجب أن يظل مفتوحًا؛ ليسمح بدخول أي مؤيد أو متفق في الرأي مهما كانت جنسيته، وبخروج المخالف، حتى ولو كان منتسبًا إلى المنطقة بالميلاد أو الإقامة، وطبقًا لهذا، فإننا نجد المدارس اللغوية الحديثة التي تحمل أسماء أماكن قد اشتملت على أسماء علماء من بلاد مختلفة. ونحن نشير بوجه خاص إلى "مدرسة جنيف"١ التي أسسها اللغوي السويسري دي سوسير وشملت لغويين فرنسيين وسويسريين وألمان وإنجليز٢.

أما إجابة السؤال الثالث، فهي دقيقة وصعبة، إذا حاولنا تناولها بدقة. إنها تقتضي عملية تتبع كامل للإنتاج النحوي في جميع أنحاء العالم العربي لفترة تمتد إلى أكثر من ثلاثة قرون، مع الأخذ في الاعتبار ضياع نسبة كبيرة من الإنتاج النحوي لتلك الفترة وعدم وصوله لنا، بالإضافة


١ بعض الدارسين يسميها كذلك "المدرسة الفرنسية" "انظر Sommerfelt ص ٢٨٣".
٢ Malmberg صفحات ١٦، ٤٦، ٤٧،٤٩، ٥٠.

<<  <   >  >>