للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغرض حيث استعملا الطبقة للدلالة على القوم المتشابهين من حيث اللقاء والسن وبعبارة أدق من حيث تقاربهم في السن وفي الشيوخ الذين أخذوا عنهم.

وذكر التقارب في السن هنا لا يتناقض مع قولي أن الطبقات لم تعتبر الوفيات أساسا تقوم عليه إذ من الطبيعي أن من يلقى كبار الصحابة يكون متقدما في السن وتتقدم وفاته في العادة على وفاة من يلقى صغار الصحابة، ولذلك نجد أن وفيات الطبقة الأولى غالب ما تتقدم على وفيات الطبقات التالية.

إن عدم اعتبار سني الوفيات أساسا للتقسيم على الطبقات هو الذي جعل الطبقة في فترة النشأة لا تتخذ مفهوم الوحدة الزمنية الثابتة، فمرة تكون حوالي العشر سنوات، وأخرى تقارب العشرين سنة، وثالثة في حدود الجيل وربما تجاوزته.

إن التمييز بين طبقات الصحابة والتابعين ومن بعدهم لها علاقة بنقد إسناد الحديث فهي وسيلة لمعرفة ما في الحديث من غرسال أو انقطاع١ أو عضل أو تدليس٢. وبمعرفة طبقات الرواة أيضا يمكن التمييز بين السماء المتشابهة والمتفقة، فقد يتفق اسمان في اللفظ فيظن أن أحدهما الآخر، فإذا أردنا التمييز بينهما فينبغي معرفة طبقتيهما إن كانا من طبقتين، فإن كانا من طبقة واحدة فربما أشكل الأمر، وربما عرف ذلك بمن فوقه أو دونه من الرواة، فربما كان أحد المتفقين في الإسم لا يروي عمن روى عنه الآخر فإن اشتركا في الراوي الأعلى وفيمن روي عنهما فالإشكال حينئذ أشد، وإنما يميز ذلك أهل الحفظ والمعرفة٣.


١ ابن الصلاح: مقدمة، ١٢٣.
٢ المرسل: هو ما سقط من إسناده إسم الصحابي. "انظر ابن كثير: الباعث، ص٤٧".
المنقطع: هو أن يسقط من السند رجل ليس بصحابي. "انظر: الباعث، ص٤٧".
المعضل: هو ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا. "الباعث، ص٥١".
المدلس: أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه سمعه منه. "ابن كثير: الباعث الحثيث، ص٥٣".
٣ العراقي: فتح المغيث / ١٦١.

<<  <   >  >>